توفي في حدود سنة 320 أو 321. يحكي انه خلف أكثر من مائتي مصنف منها كتاب من لا يحضره الطبيب الذي اخذ منه الشيخ الصدوق (ره) اسم كتابه كتاب من لا يحضره الفقيه، وله أيضا كتاب برء الساعة وغير ذلك. ومن أمثالهم ان الطب كان معدوما فأحياه جالينوس وكان متفرقا فجمعه الرازي وكان ناقصا فكمله ابن سينا. ومن كلامه: عالج في أول القوة بما لا يسقط به القوة. ومن كلامه أيضا مهما قدرت ان تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت ان تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب.
(قلت) ويقرب منه ما حكي عن الحرث ابن كلدة طبيب العرب الذي أسلم حين رأى معجزة النبي صلى الله عليه وآله في طاعة الشجر له وشهادته له بالرسالة قال: دافع الدواء ما وجدت مدفعا ولا تشربه إلا من ضرورة فإنه لا يصلح شيئا إلا أفسد. وروي عن عمرو بن عوف قال: لما احتضر الحرث كلدة اجتمع إليه الناس فقالوا مرنا بأمر ننتهي إليه بعدك قال: لا تتزوجوا من النساء إلا شابة، ولا تأكلوا الفاكهة إلا في أوان نضجها، ولا يعالجن أحد منكم ما احتمل بدنه الداء، وعليكم بالنورة في كل شهر فإنها مذيبة للبلغم مهلكة للمرة منبتة للحم، وإذا تغذى أحدكم فلينم على أثر غذائه، وإذا تعشى فليخط أربعين خطوة.
(أقول) قد ورد في وصايا أمير المؤمنين والأئمة الطاهرين من أولاده " ع " ما يغنينا عن وصية كل حكيم، ولقد أشرت إلى نبذ منها في كتاب سفينة البحار ولنتبرك هنا بذكر رواية منها. روي عن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين يقول لابنه الحسن " ع " يا بنى ألا أعلمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب فقال بلى يا أمير المؤمنين قال: لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه وجود المضغ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب، وقال عليه السلام: إن في القرآن لآية تجمع الطب كله (كلوا واشربوا ولا تسرفوا).