قلبين في جوفه) (1)، غير أن في فجوات الدهر معاجز، وللمولى سبحانه بين الفترات مواهب يخص به أفذاذا حقت لهم العبقرية والنبوغ ومن أولئك (شيخنا المترجم) فهو حين تراه فيلسوفا يعرفك حقائق الأشياء على ما هي عليه بقدر الطاقة البشرية تبصر به متكلما يفيض البرهنة كالسيل الآتي فيدع معاقد الشبه كالريشة في مهب الريح، وبينما هو فقيه متبحر يرد الفرع إلى الأصل فلا يدع في قرار عبابه الخضم ثمينة إلا استخرجها فإذا هو في أصوله محقق نسائله يأتي بما تركته له الأوائل، وقصرت عن مثله الأواخر، فتعرف منه نظريا يميز من أجزاء العلوم الذرة من الذرة، ويفرق بين الشعرة والشعرة.
وعلى حين أنه كأحد الحفاظ في دراسة الحديث وروايته ودرايته يألفه الباحث النقيد الفذ في تطبيقها على النواميس المطردة والحكم الفاصل في القبول والرد، وربما عطف على آي من الكتاب الحكيم نظرة عميقة فتحسب أنه ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق.
ومتى تنازل إلى نضد الشعر أو سرد القريض فلا يعلم الشاهد أهو وحي يوحى أو سحر يؤثر، نعم " إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا ".
وإليك شواهد صدق لما سردنا من الدعاوى آثرنا إيقافك عليها لئلا يذهب بك الحسبان إلى أنها فتوى مجردة، وهي ما أبرزه مزبره القويم من منتوجات فكرته النابعة.
مصنفاته: