السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ١٩٦
حتى إذا كانوا بقديد لحقوا الحارث الليثي فاسروه فقال إنما خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد الإسلام فقالوا له إن كنت مسلما لم يضرك ربطنا لك يوما وليلة وإن كنت غير ذلك استوثقنا منك فشدوه وثاقا وخلفوا عنده سويد بن صخر أي وفي لفظ خلفوا عليه رجلا أسود منهم وقالوا له إن نازعك فاحتز رأسه وساروا حتى اتوا محل القوم عند غروب الشمس فكمنوا في ناحية الوادي قال جندب الجهني وأرسلني القوم جاسوسا لهم فخرجت حتى أتيت تلا مشرفا على الحاضر أي القوم المقيمين بمحلهم فلما استويت على رأسه انبطحت عليه لأنظر إذ خرج رجل منهم فقال لامرأته إني لأنظر على هذا الجببل سوادا ما رايته قبل انظري إلي أو عيتك لا تكون الكلاب جرت منها شيئا فنظرت فقالت والله ما فقدت من أوعيتي شيئا فقال ناوليني قوسي ونبلي فناولته قوسه وسهمين فأرسل سهما فوالله ما أخطأ بين عيني فانتزعته وثبت مكاني فأرسل آخر فوضعه في منكبي فانتزعته وثبت مكاني فقال لامرأته والله لو كان جاسوسا لتحرك لقد خالطه سهمان لا أبالك أي بكسر الكاف أي لا كافل لك غير نفسك وهو بهذا المعنى يذكر في معرض المدح وربما يذكر في معرض الذم وفي معرض التعجب لا بهذا المعنى فإذا أصبحت فانظريهما لا تمضغهما الكلاب ثم دخل فلما اطمأنوا ناموا شيئا عليهم الغارة واستقنا النعم والشاء بعد أن قتلنا المقاتلة وسبينا الذرية أي ومروا على الحارث الليثي فاحتماوه واحتملوا صاحبهم الذي تركوه عنده فخرج صريخ القوم في قومهم فجاء مالا قبل لنا به فصار بيننا وبينهم الوادي فأرسل الله سحابا فأمطر الوادي ما رأينا مثله فسال الوادي بحيث لا يستطيع أحد أن يجوز به فصاروا وقوفا ينظرون إلينا ونحن متوجهون إلى أن قدمنا المدينة أي وفي لفظ آخر فقلنا القوم ينظرون إلينا إذا جاء الله بالوادي من حيث شاء يملأ جنبيه ماء والله ما رأينا يومئذ سحابا ولا مطرا فجاء بمالا يستطيع أحد أن يجوزه فوقفوا ينظرون الينا وقد وقع نظير ذلك أي سيل الوادي لقطنه بن عامر حين توجه إلى بن خثعم بناحية تبال كما سيأتي
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»