السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٨
بعيرنا هرب منذ ثلاثة أيام فلم نجده إلابين يديك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أنه يشكو فقالوا يا رسول الله ما يقول قال إنه ربي فيكم سنين وكنتم تحملون عليه في الصيف إلى موضع الكلأفإذا كان الشتاء حملتم عليه إلى موضع الدفيء فلما كبر استفحلتموه فرزقكم الله إبلا سليمة فلما أدركت هذه السنة الجذبة هممتم بنحره وأكل لحمه فقالوا والله يا رسول الله قد كان ذلك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا جزاء المملوك الصالح من مواليه فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا نتعبه ولاننحره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبتم قد استغاث بكم فلم تغيثوه وأناأولى بالرحمة منكم لأن الله قد نزع الرحمة من قولب المنافقين وأسكنها في قولوب المؤمنين فاشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم منهم بمائة درهم منهم وقال أيها البعير انطلق حيث شئت فرغا البعير على هامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له آمين ثم رغا الثانية فقال له آمين ثم رغا الثالثة فقال له آمين ثم رغا الرابعة فبكى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله ما يقول هذا البعير قال قال جزاك الله خيرا أيها النبي عن الإسلام والقرآن قلت آمين قال سكن الله رعب أمتك كما سكنت قلبي قلت آمن قال حقنت الله دماء أمتك كما حنت دمي قلت آمين قال لا جعل الله بأسهم بينهم شديد فبكيت لأني سألت الله ربي فيها أي في هذه الرابعة فمنعني إعطاءها وقوله صلى الله عليه وسلم للجمل اذهب كيف شئت لا يناسب ما عليه أئمتنا من عدم جواز إرسال الدواب تقربا إلى الله تعالى لأنه في معنى سوائب الجاهلية إلا أن يقال المراد بقوله صلى الله عليه وسلم له إذهب كيف شئت أي أنت آمن في سائر أحوالك مما شكوت منه ورأيت في كلام ابن الجوزي رحمه الله ما يؤيد ذلك وهو أن رسول الله لي الله عليه وسلم وسمه سمة نعم الصدقة ثم بعث به وعليه لا اشكال وإلى قصة الجمل أشار الإمام السبكي رحمه الله في تائيته بقوله * ورب بعير قد شكى لك حاله * فأذهبت عنه كل كل وثقلة * وفي هذه أعني السنة الرابعة تزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة هند رضي الله تعالى عنها بعد موت أبي سلمة بن عبد الأسد رضي الله تعالى عنه وما روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال تزوجها سنة اثنتين ليس بشيء قيل وفيها شرع التيمم
(٥٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 573 574 575 576 577 578 579 580 581 582 583 ... » »»