السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٤٠
* لا تأكل الأرض جسما للنبي ولا لعالم وشهيدا قتل معترك * ولا لقارئ قرآن ومحتسب آذانه لإله مجرى الفلك * ودفن خارجة بن زيد وسعد بن الربيع رضي الله تعالى عنهما في قبر واحد لأنه كان أبن عمه ولده خارجة وهو زيد بن خارجة الذي تكلم بعد الموت ذكر أن خارجة أخذته الرماح فجرح بضعة عشر جرحا فمر به صفوان بن أمية بن خلف فعرفه فأجهز عليه وقال الآن شفيت نفسي حين قتلت الأماثل من أصحاب محمد قتلت خارجة بن زيد وقتلت أوس بن أرقم وقتلت أبا نوفل ودفن النعمان ابن مالك وعبد بني الحسحاس في قبر واحد وربما دفنوا ثلاثة في قبر وصار صلى الله عليه وسلم يقول احفروا وأوسعوا واعمقوا وكان صلى الله عليه وسلم يقول انظروا أكثر هؤلاء جمعا أي حفظا للقرآن فقدموه في القبر أي في اللحد واحتمل ناس من المدينة قتلاهم إلى المدينة فردهم صلى الله عليه وسلم ليدفنوا حيث قتلوا وبه استدل أئمتنا رحمهم الله على حرمة نقل الميت قبل دفنه من محل موته إلى محل أبعد من مقبرة موته محل وفيه أنهم قالوا إلا أن يكون بقرب مكة أو المدينة أو بيت المقدس نص على ذلك إمامنا الشافعي رحمه الله وقد يجاب بأن هذا مخصوص لغير الشهيد أما هو فالأفضل دفنه بمحل موته ولو بقرب ما ذكر كما بحث ذلك بعض المتأخرين من أئمتنا ويشهد له ما هنا ولا يشكل دفن اثنين أو ثلاثة في لحد على قول فقهائنا بحرمة جمع اثنين في لحد ولو الوالد وولده لأن محل ذلك حيث لا ضرورة ككثرة الموتى مشقة الحفر لكل واحد كما هنا ثم رأيت في بعض السير وقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين والثلاثة في القبر الواحد وإنما أرخص لهم في ذلك لما بالمسلمين من الجراح التي يشق معها أن يحفروا لكل واحد واحد وفي رواية فحملوهم إلى المدينة فدفنوهم في نواحيها فجاء منادي صلى الله عليه وسلم ردوا القتلى إلى مضاجعهم فأدرك المنادي واحدا لم يكن دفن فردا ومن دفن أبقوه ولما أشرف صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد قال إنا شهيد على هؤلاء وما من
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»