السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٠٣
فإنهما أسلما بعد ذلك فحملوا على من بقي من الرماة فقتلوهم مع أميرهم عبد الله بن جبير أي ومثلوا به ومن كثرة طعنه بالرماح خرجت حشوته وأحاطوا بالمسلمين فبينما المسلمون قد شغلوا بالنهب والأسر إذ دخلت خيول المشركين تنادي فرسانها بشعارها يا للعزى يا لهبل ووضعوا السيوف في المسلمين وهم آمنون وتفرقت المسلمون في كل وجه وتركوا ما انتهبوا وخلوا من أسروا وانتفضت صفوف المسلمين واختلط المسلمون وصار يضرب بعضهم بعضا من غير شعار أي من غير أن يأتوا بما كانوا ينادون به في الحرب يتعارفون به في ظلمة الليل وعند الاختلاط وهو أمت أمت مما أصابهم من الدهش والحيرة ولم يزل لواء المشركين ملقى حتى أخذته عمرة بنت علقمة ورفعته لهم فلاثوا أي بالمثلثة استداروا به واجتمعوا عنده ونادى ابن قمئة بفتح القاف وكسر الميم وبعدها همزة إن محمدا قد قتل وقيل المنادي بذلك إبليس أي متمثلا بصورة جعال أو جعيل ابن سراقة وكان رجلا صالحا ممن أسلم قديما وكان من أهل الصفة قيل وهو الذي غير النبي صلى الله عليه وسلم اسمه يوم الخندق وسماه عمرا كما سيأتي وسيأتي ما فيه ثم إن الناس وثبوا على جعال ليقتلوه فتبرأ من ذلك القول وشهد له خوات بن جبير وأبو بردة بأن جعالا كان عندهما وبجنبهما حين صرخ ذلك الصارخ وقيل المنادي بذلك ازب العقبة قال ذلك ثلاث مرات أي لأنه لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صرخ الشيطان به قال هذا ازب العقبة بكسر الهمزة وسكون الزاي والازب القصير كما تقدم وقد ذكر أن عبد الله بن الزبير رأى رجل طوله شبران على رحله فقال ما أنت قال ازب قال ما ازب قال رجل من الجن فضربه على رأسه بعود السوط حتى هرب أي ويجوز أن يكون ذلك صدر من الثلاثة وهم ابن قمئة وإبليس وإزب العقبة فرجعت الهزيمة على المسلمين أي وقال قائل يا عباد الله أخراكم أي احترزوا من جهة أخراكم فعطف المسلمون على أخراهم يقتل بعضهم بعضا وهم لا يشعرون وانهزمت طائفة منهم إلى جهة المدينة ولم يدخلوها وقال رجال من المسلمين حيث قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجعوا إلى قومكم يؤمنوكم وقال آخرون إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل أفلا تقاتلون على دين نبيكم وعلى ما كان عليه نبيكم حتى تلقوا الله شهداء اي وفي الامتاع أن ثابت بن الدحداح قال يا معشر الأنصار إن كان محمد قد قتل فإن
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»