السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٣١٩
عليه المستقى وقد يكون في أسفل البئر يجلس عليه الذي ينظف البئر أي والثاني هو المراد بدليل ما سبق وفي النهر لأبي حيان ونص القرآن والحديث أن السحر تخييل أي لا يقلب الأعيان ولا شك في وجوده في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وأما في زماننا الآن فكل ما وقفنا عليه من كتبه فهو كذب وافتراء لا يترتب عليه شيء فلا يصح منه شيء البتة وطعنت المعتزلة وطوائف من أهل البدع في كونه صلى الله عليه وسلم سحر وقالوا لا يجوز على الأنبياء أن يسحروا ولو جاز أن يسحروا لجاز أن يجنوا وقد عصموا من الناس ورد بأن الحديث الدال على ذلك صحيح والعصمة إنما وجبت لهم في عقولهم وأديانهم وأما أبدانهم فيبتلون فيها والسحر إنما أثر في بعض جوارجه صلى الله عليه وسلم من بصره لكن تقدم أنه صلى الله عليه وسلم صار يخيل له أنه يفعل الشيء ولا يفعله وهذا متعلق بالعقل ثم رأيت أبا بكر بن العربي قال لم يقل كل الرواة إنه اختلط عليه صلى الله عليه وسلم أمر وإنما هذا اللفظ زيد في الحديث لا أصل له قال ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعنا واستجرارا إلى القول وإبطال معجزات الأنبياء عليه الصلاة والسلام والقدح فيها وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وبين فعل السحرة وأن جميعه من نوع واحد هذا كلامه وممن كان حريصا على رد الناس عن الإسلام أيضا شاس بن قيس كان شديد الطعن على المسلمين شديد الحسد لهم مر يوما على الأنصار الأوس والخزرج وهم مجتمعون يتحدثون فغاظه ما رأى من ألفتهم بعد ما كان بينهم من العداوة فقال قد اجتمع بنو قيلة والله مالنا معهم إذا اجتمعوا من قرار فأمر فتى شابا من يهود فقال اعمد إليهم فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث أي يوم الحرب الذي كان بينهم وما كان فيه وأنشدهم ما كانوا يتقاولون به من الأشعار ففعل فتكلم القوم عند ذلك أي قال أحد الحيين قد قال شاعرنا كذا وقال الآخر قد قال شاعرنا كذا وتنازعوا وتواعدوا على المقاتلة أي قالوا تعالوا نرد الحرب جذعا كما كانت فنادى هؤلاء
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»