ومن البدع التطريب في الأذان والتلحين فيه وفي كلام إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه ويكون الأذان مرسلا بغير تمطيط ولا تغن قيل التمطيط التفريط في المد والتغني أن يرفع صوته حتى يجاوز المقدار ومن البدع رفع المؤذنين أصواتها بتبليغ التكبير لمن بعد عن الإمام من المقتدين قال بعضهم ولا بأس به لما فيه من النفع أي حيث لم يبلغهم صوت الإمام بخلاف ما إذا بلغهم ففي كلام بعضهم التبليغ بدعة منكرة باتفاق الأئمة الأربعة حيث بلغ المأمومين صوت الإمام ومعنى منكرة أنها مكروهة وأول ما أحدث التسبيح بالأسحار في زمن موسى عليه الصلاة والسلام حين كان بالتيه واستمر إلى أن بني داود عليه الصلاة والسلام بيت المقدس فرتب فيه جماعة يقومون به على الآلات إلى ثلت الليل الأخير ثم بعد ثلث الليل الأخير يقومون به على الآلات عند الفجر وأول حدوثه في ملتنا كان بمصر أمر به أميرها من قبل معاوية مسلمة بن مخلد الصحابي رضي الله تعالى عنهما فإنه لما اعتكف بجامع عمرو سمع أصوات النواقيس عالية فشكا ذلك إلى شرحبيل بن عامر عريف المؤذنين بجامع عمرو ففعل ذلك من نصف الليل إلى قريب الفجر ومسلمة هذا تولى مصر من معاوية بعد عتبة بن أبي سفيان أخي معاوية رضي الله تعالى عنهما وعتبة تولاها حين مات أميرها عمرو بن العاص وهذا مما يدل على أن عمرو بن العاص مدفون بمصر وكان عتبة خطيبا فصيحا قال الأصمعي الخطباء من بني أمية عتبة بن أبي سفيان وعبد الملك بن مروان خطب عتبة يوما أهل مصر فقال يا أهل مصر خف على ألسنتكم مدح الحق ولا تأتونه وذم الباطل وأنتم تفعلونه كالحمار يحمل أسفارا يثقله حملها ولا ينفعه علمها وإني لا أداوي داءكم إلا بالسيف ولا أبلغ السيف ما كفاني السوط ولا أبلغ السوط ما صلحتم على الدرة فالزموا ما ألزمكم الله لنا تستوجبوا ما فرض الله لكم علينا وهذا يوم ليس فيه عتاب ولا بعده عتاب ومما يؤثر عنه ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم وقال لبنيه يوما تلقوا النعم بحسن مجاورتها والتمسوا المزيد منها بالشكر عليها
(٣١٣)