بالصلاة فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون أي عن الطريق فصرنا نحكيه ونستهزئ به فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع فأشار القوم كلهم إلى فحبسني أي أبقاني عنده وأرسلهم وقال قم فأذن فقمت ولا شيء أكره إلى من النبي صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى على التأذين هو بنفسه صلى الله عليه وسلم الحديث ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة ثم وضع يده على ناصيتي ومر بها على وجهي ثم بين يدي ثم على كبدي حتى بلغت يده سرتي ثم قال بارك الله فيك وبارك عليك فقلت يا رسول الله مرني بالتأذين بمكة فقال صلى الله عليه وسلم قد أمرتك به وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهته وعاد ذلك كله محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت على عتاب بن أسيد رضي الله تعالى عنه عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة فأذنت بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل علمه صلى الله عليه وسلم ذلك يوم فتح مكة لما أذن بلال رضي الله تعالى عنه للظهر على ظهر الكعبة وصار فتية من قريش يستهزئون ببلال ويحكون صوته وكان من جملتهم أبو محذورة فأعجبه صلى الله عليه وسلم صوته فدعاه وعلمه الأذان وأمره أن يؤذن لأهل مكة فليتأمل الجمع وإنما يؤخذ بالأحدث فالأحدث من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بالمتأخر عنه لأن المتأخر ينسخ المتقدم فقال أليس لما عاد إلى المدينة أقر بلالا على أذانه قال أبو داود وتثنية الإذان وإفراد الإقامة مذهب أكثر علماء الأمصار وجرى به العمل في الحرمين والحجاز وبلاد الشام واليمن وديار مصر ونواحي المغرب أي إلا مصر في المساجد التي تغلب صلاة الأروام بها فإن الإقامة تثنى كالأذان فيها وقد ذكر أن أبا يوسف رحمه الله ناظر إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه في المدينة بين يدي مالك رضي الله تعالى عنه والرشيد فأمر الشافعي بأحضار أولاد بلال وأولاد سائر مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم كيف تلقيتم االإذان والإقامة عن
(٣٠٧)