السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
ووقع الاختلاف في اسم الذي سألوه فسماه بعضهم عمرو بن أمية وبعضهم سماه عبد ياليل بن عمرو هذا كما ترى إنما كان عند المبعث وبه يعلم ما في قول الماوردي الذي نقله عن شيخ بعض شيوخنا النجم الغيطي في معراجه وأقره وسببه أي رمى النجوم أن الله تعالى لما أراد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم رسولا كثر انقضاض الكوكب قبل مولده ففزع أكثر العرب منها وفزعوا إلى كاهن لهم ضرير وكان يخبرهم بالحوادث فسألوه عنها فقال انظروا البروج الإثنى عشر فإن انقض منها شيء فهو ذهاب الدنيا وإن لم ينقض منها شيء فسيحدث في الدنيا أمر عظيم فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هو الأمر العظيم فإنه يقتضى أن المراد ببعثه ولادته فكان يتعين إسقاط قوله قبل مولده لما علمت أن هذا أي كثرة تساقط النجوم إنما كان عند بعثه ونبوته لا عند ولادته ومنه خبر أبي لهب أو لهيب بن مالك أي من بني لهب فإن بني لهب فزعوا لفزع ثقيف قال حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة فقلت بأبي وأمي نحن أول من عرف حراسة السماء ومنع الجن من استراق السمع وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن يقال له خطر بالخاء المعجمة والطاء المهملة والراء ابن مالك قال في النور لا أعرف له ترجمة ولا إسلاما وكان شيخا كبيرا قد أتت عليه مائتا سنة وثمانون سنة وكان من أعلم كهاننا فقلنا له يا خطر هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمى بها فإنا قد فزعنا لها وخفنا سوء عاقبتها فقال ائتوني بسحر أي قبيل الفجر أخبركم الخبر الخير أم ضرر أم لأمن أو حذر قال فانصرفنا عنه يومنا فلما كان من الغد في وجه السحر أتيناه فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السماء بعينيه فناديناه يا خطر يا خطر فأومأ إلينا أن أمسكوا فأمسكنا فانقض نجم عظيم من السماء وصرخ الكاهن رافعا صوته أصابه أصابه جمع وصب كجمل وجمال فالهمزة بدل من الواو خامره عقابه عاجله عذابه أحرقه شهابه زايله جوابه أي زال عنه جوابه يا ويله ما حاله بلبله بلباله البلبال الغم عاوده خباله تقطعت حباله وغيرت أحواله ثم أمسك طويلا ثم قال يا معشر بني قحطان أخبركم بالحق والبيان أقسم بالكعبة والأركان والبلد المؤتمن السدان أي الخدام قد منع السمع عتاة الجان بثاقب كون ذا سلطان من أجل مبعوث عظيم الشان يبعث بالتنزيل والفرقان وبالهدى
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»