الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٥٨٣
معشر، قال: حدثني أبو نوح الأنصاري، قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين (عليه السلام) وهو ساجد فجعلوا يقولون له: يا بن رسول الله النار النار يا بن رسول الله، فما رفع رأسه حتى أطفئت، فقيل له: ما الذي ألهاك عنها؟ فقال: ألهتني عنها النار الأخرى (1).
وقيل: إن ناقته (عليه السلام) تلكأت عليه بين جبال رضوى، فأناخها ثم أراها السوط والقضيب، ثم قال: لتنطلقن أو لأفعلن، فانطلقت (2).
وقال (عليه السلام): إن موت الفجاءة تخفيف على المؤمن وأسف على الكافر، وإن المؤمن ليعرف غاسله وحامله، فإن كان له عند ربه خير ناشد حملته أن يعجلوا به، وإن كان غير ذلك ناشدهم أن يقصروا به.
فقال ضمرة بن سمرة: إن كان كما تقول أقفز من السرير وضحك وأضحك فقال (عليه السلام): اللهم إن ضمرة ضحك وأضحك لحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) فخذه أخذ أسف. فمات فجأة فأتى بعد ذلك مولى لضمرة زين العابدين (عليه السلام) فقال: أصلحك الله إن ضمرة مات فجأة وإني لأقسم لك والله إني لسمعت صوته وأنا أعرفه كما كنت أعرف صورته في حياته وهو يقول: الويل لضمرة بن سمرة، خلا مني كل حميم، وحللت بنار الجحيم، وبها مبيتي والمقيل. فقال علي بن الحسين (عليه السلام):
الله أكبر هذا جزاء من ضحك وأضحك بحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) (3).
وقيل: دخل أبو جعفر ولده فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد، فرآه قد اصفر لونه من السهر، ورمضت عيناه من البكاء، ودبرت جبهته، وانخرم أنفه من السجود، وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة. فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلم أملك حين رأيته بتلك الحال البكاء، فبكيت رحمة له، فإذا هو يفكر، فالتفت إلي بعد هنيهة من دخولي فقال: يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن أبي طالب (عليه السلام). فأعطيته فقرأ فيها شيئا يسيرا ثم تركها من يده ضجرا

(١) المناقب لابن شهرآشوب: ج ٤ ص ١٥٠.
(٢) كشف الغمة: ج ٢ ص ١٠٩.
(٣) الخرائج والجرائح: ج ٢ ص ٥٨٦ ح 8.
(٥٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 579 580 581 582 583 584 585 586 587 588 ... » »»