هذا والله ما يكون لي أبدا، تعلمون أن الناقة إذا فقدت ولدها لا تحن إلى غيره، ثم نهرهم، فهموا باغتياله، فمنعهم أبو طالب عن ذلك وقال فيه:
حميت الرسول رسول المليك * ببيض تلألأ مثل البروق أذب وأحمي رسول الإله * حماية عم عليه شفيق (1) وأنشد أيضا:
يقولون لي دع نصر من جاء بالهدى * وغالب لنا غلاب كل مغالب وسلم إلينا أحمدا واكنفن لنا * بنينا ولا تحفل بقول المعاتب فقلت لهم الله ربي وناصري * على كل باغ من لؤي بن غالب (2) عكرمة وعروة بن الزبير في حديثيهما: لما رأت قريش أن أمره (صلى الله عليه وآله) يفشو وأن حمزة أسلم، أجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يقتلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علانية، فلما رأى ذلك أبو طالب جمع بني عبد المطلب فأجمع لهم أمرهم على أن تدخلوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) شعبهم. فاجتمعت قريش في دار الندوة وكتبوا صحيفة على بني هاشم على أن لا يكلموهم ولا يزوجوهم ولا يتزوجوا إليهم ولا يبايعوهم أو يسلمون إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وختموا عليها أربعين خاتما، وعلقوها في جوف الكعبة. وفي رواية عند زمعة بن الأسود.
فجمع أبو طالب بني هاشم وبني المطلب في شعبه، وكانوا أربعين رجلا مؤمنهم وكافرهم، ما خلا أبا لهب وأبا سفيان، وظاهراهم عليه، فحلف أبو طالب إن شاكت محمدا شوكة لآبتن (3) عليكم يا بني هاشم، وحصن الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار، وفي ذلك يقول:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب أليس أبونا هاشم شد أزره * وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب