ان سقوط حكومة المختار في الكوفة لم يؤد إلى استسلام حركة المعارضة العراقية، وانما استمرت تتصاعد ولكن بقيادات مختلفة وبأهداف ومناهج متباينة. فبعد المختار تسلم الحزب الزبيري السلطة في العراق بزعامة مصعب، مستفيدا من الظروف التي كانت خير حليف في أنهاك قوى العدو وتعبئة القوى الشعبية بالكراهية ضد الأمويين.
ولكن إلى أي مدى سيحتفظ هذا الحزب بالسلطة ذلك هو السؤال؟ فقد أصبح النظام الأموي أكثر مناعة واجتاز أزماته العائلية والقبلية بعد وصول عبد الملك بن مروان إلى الحكم وتطلع الانظار اليه حينئذ لانقاذ الدولة الأموية من انقساماتها وإعادة بنائها من جديد قوية، موحدة.
وبعد أن قضى هذا الخليفة بعض الوقت في تصفية مشاكله الداخلية ومعالجة الوضع العسكري على جبهة البيزنطيين تحول نحو معركته المصيرية مع منافسه في الخلافة وشريكه في اللقب عبد الله بن الزبير. فلما شعر باستقرار الأحوال في عاصمة الخلافة قاد بنفسه حملة عسكرية إلى العراق صيف 72 هجري (1) لتوجيه ضربته الأولى