عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٩٩
مقدمة فكان الناس بين مصدق ومكذب حتى وصل في اليوم المذكور إلى بولاق فركب من هناك وتوجه إلى زيارة الإمام الشافعي وطلع إلى القلعة وقابل الكتخدا وسلم عليه وهنئه الشعراء بقصائدهم وأعطاهم الجوائز واستمر ازدحام الناس أيام ثم امتنع عن الجلوس في المجلس العام نهارا واعتكف بحجرته الخاصة فلا يجتمع به الا بعض من يريده من الافراد فانكف الكثير عن الترداد وذلك من حسن الرأي واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1234 فيه حصل الاهتمام بحفر الترعة المعروفة بالاشرفية الموصلة إلى الإسكندرية وقد تقدم في العام الماضي بل والذي قبله اهتمام الباشا ونزل إليها المهندسون ووزنوا ارضها وقاسوا طولها وعرضها وعمقها المطلوب ثم اهمل امرها لقرب مجيء النيل وتركوا الشغل في بمدئها ولم يترك الشغل في منتهاها عند الإسكندرية بالقرب من عامود السواري فحفورا هناك منبتها وهي بركة متسعة وحوطوها بالبناء المحكم المتين وهي مرسى المراكب التي تعبر منها إلى الإسكندرية بدلا عن البعاز وهو ملتقى البحرين وما يقع فيه من تلف المراكب فتكون هذه اسلم وأقرب وأقل كلفة ان صحت بل وأقرب مسافة ونزل الامر لكشاف الأقاليم بجمع الفلاحين والرجال على حساب مزارع القدادين فيحصون رجال القرية المزارعين ويدفعون للشخص الواحد عشرة ريالات ويخصم له مثلها من المال وإذا كان له شريك وأحب المقام لأجل الزرع الصيفي أعطاه حصته وزاده عليها حتى يرضي خاطره وزوده بما يحتاج اليه أيضا وعند العمل يدفع لكل شخص قرش في كل يوم ويخرج أهل القرية أفواجا ومعهم أنفار من مشايخ البلاد ويجتمعون في المكان المأمورين باجتماعهم فيه ثم يسيرون مع الكاشف الذي بالناحية ومعهم طبول وزمور وبيارق ونجارون وبناؤن وحدادون وفرضوا على البلاد التي فيه النخيل غلقانا ومقاطف وعراجين وسلبا وعلى البنادر فؤسا ومساحي شيء كثير بالثمن وطلبوا أيضا طائفة الغواصين لأنهم كانوا
(٥٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 604 ... » »»