عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٣
بالاغوات الطواشية وبهم توصل إلى نساء الامراء والسعي في حوائجهن وقضاياهن وصار له قبول زائد عندهن وعند أزواجهن وتجمل بالملابس وركب البغال وأحدق به المحدقون وتزوج بامرأة بناحية قنظرة الأمير حسين وسكن بدارها فماتت فورثها ولما مات الشيخ محمد العقاد تعين المترجم لمشيخة رواق القيمة وبنى له محمد بك المعروف بالمبدول دارا عظيمة بحارة عابدين واشتهر ذكره وعلا شأنه وطار صيته وسافر في بعض مقتضيات الامراء إلى دار السلطنة وعاد إلى مصر وأقبلت عليه الهدايا من الامراء والحريمات والاغوات والأقباط وغيرهم واعتنوا بشأنه وزوجته الست زليخا زوجة إبراهيم بك الكبير ببنت عبد الله الرومي وتصرف في أوقاف أبيها ومنها عزب البر تجاه رشيد وغيرها فاشتهر بالبلاد القبلية والبحرية وكان مع قلة بضاعته في العلم مشاركا بسبب التداخل في القضايا وكان كريم النفس جدا يجود وما لديه قليل مع حسن المعاشرة والبشاشة والتواضع والمواساة للكبير والصغير والجليل والحقير وطعامه مبذول للواردين ومن اتى في منزله إلى حاجة أو زائر لا يمكنه من الذهاب حتى يغديه أو يعشيه وإذا اتاه مسترقد ولم يجد معه أشياء اقترض وأعطاه فوق مأموله ولا يبخل بجاهه وسعيه على أحد كائنا من كان بعوض وبدونه ومما اتفق له مرارا انه يركب من الصباح في حوائج الناس فلا يعود الا بعد العشاء الأخيرة فيلاقيه آخر ذو حاجة في نصف الطريق أو آخره فينهي اليه قصته اما بشفاعة عند أمير أو خلاص مسجون أو غير ذلك فيقف له ويستمع قصته وهو راكب فيقول له في غد نذهب اليه فان الوقت صار ليلا فيقول صاحب الحاجة هو في داره في هذا الوقت فيعود من طريقه مع صاحب الحاجة إلى ذلك الأمير ولو بعدت داره ويقضي حاجته ويعود بعد حصة من الليل وهكذا كان شأنه ولا ينتظر ولا يؤمل جعالة ولا اجرة نظير سعيه فان اتوه بشئ اخذه أو هدية قبلها قلت أو كثرت وشكرهم على ذلك فمالت اليه القلوب ووفدت اليه ذوو الحاجات من كل
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»