عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٨١
وصارت فيه ملكة جيدة واستحضار للفروع الفقهية ولما مات والده في شهر رجب سنة عشرين ومائتين والف تقلد منصب والده في الافتاء وكان لها اهلا مع التحري والمراجعة في المسائل المشكلة والعفة والصيانة والديانة والتباعد عن الأمور المخلة بالمروءة مواظبا لوظائفه ودروسه ملازما لداره الا ما دعته الضرورة اليه من المواساة وحضور المجالس مع أرباب المظاهر وكان مبتلى بضعف البصر وبآخرته اعتراه داء الباسور وقاسي منه شدة وانقطع بسببه عن الخروج من داره ووصف له حكيم بدمياط فسافر اليه لأجل ذلك وقصد تغيير الهواء وذلك بإشارة نسيبه الشيخ المهدي وقاسى اهوالا في معالجته وقطعه بالآلة فلم ينجح ورجع إلى مصر متزايد الألم ولم يزل ملازما للفراش حتى توفي إلى رحمة الله سبحانه وتعالى في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الأولى من هذه السنة وصلى عليه بالأزهر ودفن بمدرسة الشعبانية بحارة الدويداري ظاهر حارة كتامة المعروفة الآن بالعينية بالقرب من الجامع الأزهر وخلف ولده النجيب الأديب سيدي محمد الملقب عبد المعطي بارك الله فيه واعانه على وقته ومات الإمام العلامة والعمدة الفهامة شيخ الاسلام والمسلمين الشيخ عبد المنعم ابن شيخ الاسلام السيخ احمد العماوي المالكي الأزهري وهو من أهل القرن الثاني عشر تفقه على الشيخ الزهار وغيره من علماء مذهبه وحضر الأشياخ المتقدمين كالدفري والحنفي والصعيدي والشيخ سالم النفراوي والشيخ الصباغ السكندري والشيخ فارس وقرأ الدرس وانتفع به الطلبة ولم يزل ملازما على القاء الدروس بالأزهر على طريقة المتقدمين مع العفة والديانة والانجماع عن الناس راضيا بحاله قانعا بمعيشته ليس بيده من التعلقات الدنيوية سوى النظر على ضريح سيدي أبي السعود أبي العشائر ولم يتجرأ على الفتيا مع أهليته لذلك وزيادة ولم تطمح نفسه لزخارف الدنيا وسفاسف الأمور مع التجمل في الملبس والمركب واظهار الغنى وعدم التطلع لما في أيدي الناس ويصدع بالحق في
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»