عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
فقلدوه إياها واستولى على وقفها وايرادها وانفرد بسكن البيت وصار له قبول عند الفرنساوية وجعلوه من أعاظم رؤساء الديوان الذي كانوا نظموه لاجراء الاحكام بين المسلمين فكان وافر الحرمة مسموع الكلمة مقبول الشفاعة عندهم فازدحم بيته بالدعاوى والشكاوى واجتمع عنده مماليك من مماليك الامراء المصرية الذين كانوا خائفين ومتغيبين وعدة خدم وقواسة ومقدم كبير وسراجين وأجناد واستمر على ذلك إلى أن حضر يوسف باشا الوزير في المرة الأولى التي انتقض فيها الصلح ووقعت الحروب في البلدة بين العثمانية والفرنساوية والامراء المصرية وأهل البلدة فهجم على داره المتهورون من العامة ونهبوه وهتكوا حريمه وعروة عن ثيابه وسحبوه بينهم مكشوف الرأس من الازبكية إلى وكالة ذي الفقار بالجمالية وبها عثمان كتخدا الدولة فشفع فيه الحاضرون وأطلقوه بعد أن اشرف على الهلاك واخذه الخواجا أحمد بن محرم إلى داره واسكن روعه والبسه ثيابا واكرمه وبقي بداره إلى أن انقضت أيام الفتنة وظهرت الفرنساوية على المحاربين لهم وخرجوا من البلدة واستقر بها الفرنساوية فعند ذلك ذهب إليهم وشكا لهم ما حل به بسبب موالاته لهم فعوضوا عليه ما نهب له ورجع إلى الحالة التي كان عليها معهم وكانت داره أخربها النهابون فسكن ببيت البارودي بباب الخرق ثم انتقل منه إلى بيت عبد الرحمن كتخدا القازدغلي بحارة عابدين وجدد بها عمارة وكان له ابنة خرجت عن طورها في أيام الفرنسيس فلما اشيع حضور الوزير والقبودان والانكليز وظهر على الفرنساوية الخروج من مصر فقتل ابنته المذكورة بيد حاكم الشرطة فلما استقرت العثمانية بالديار المصرية عزل المترجم عن نقابة الاشراف وتولاها السيد عمر مكرم كما كان قبل الفرنساوية ولما حضر محمد باشا خسرو انهى اليه الكارهون له بأنه مرتكب للموبقات ويعاقر الشراب وغير ذلك وأن ابنته كانت تذهب إلى الفرنسيس بعلمه وانه قتلها خوفا وتبرئة لنفسه من الشهرة التي لا يمكنه سترها ولا يقبل عذره
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»