عادتهم يسهرونها مع ليال قبلها إلى الصباح اغلقوا الحوانيت واطفؤا القناديل من بعد اذان العشاء وذهبوا إلى دورهم وفيه قرروا فردة غلال على البلاد قمح وشعير وتين أعلى وأوسط وأدنى إلا على خمسة عشر أردبا وخمسة عشر حمل تين والأوسط عشرة والأدنى خمسة على أن إقليم القليوبية لم يبق به الا خمسة وعشرون قرية فيها بعض سكان والباقي خراب ليس فيها ديار ولا نافخ نار ومجموع المطلوب ثمانية ألاف اردب خلاف التين وذلك برسم ترحيلة علي باشا إلى الينبع ثم قرروا فردة أخرى كذلك أيضا وقدرها ألف وخمسمائة كيس رومية وفي يوم الجمعة رابعه جمع الباشا المشايخ في ديوان خاص بسبب مكتوب حضر من الامراء المصريين خطابا للمشايخ مضمونه انهم يسعون بينهم وبين الباشا فيما يكون فيه الراحة للبلاد والعباد وانه يخرج هذه العساكر فإنهم إن داموا بالإقليم كملوا خرابه وهتكوه بأفاعيلهم وظلمهم وفسقهم وطلب العلوفات التي لا يفي ببعضها خراج الإقليم واما نحن فإننا مطيعون السلطنة وخدامون بلا جامكية ولا علوفة وإن لم يفعل ذلك يعطينا جهة قبلي تتعيش فيها وان أرادوا الحرب فليخرجوا الناس بعيدا عن الابنية ويحاربونا في الميدان والله يعطي النصر لمن يشاء إلى اخر ما قالوه فقال الباشا للمشايخ اكتبوا لهم يأخذوا جهة أسنا ومقبلا فقالوا نحن لا نكتب شيئا اكتبوا لهم مثل ما تعوفون وانفض المجلس وفيه عزم جماعة من أكابر العسكر على السفر إلى بلادهم وهم احمد بك رفيق محمد علي وصادق آغا وخلافهما واخذوا في تشهيل أنفسهم وبيع متاعهم ونزلوا إلى بولاق عند عمر آغا ونزل محمد علي لوداعهم ببيت عمر أغا فاجتمع العسكر وأحاطوا بهم ومنعوهم من السفر قائلين لهم اعطونا علوفاتنا المنكسرة والا عطلناكم ولا ندعكم تسافرن بأموال مصر ومنهوباتها فأخذوا خواطرهم ووعدوهم على أيام وامتنعوا من السفر
(٢٦)