عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٦٢٣
وهرب إلى إسكندرية وحضر إلى مصر والتجأ إلى مراد بك فأكرمه وانزله منزلا حسنا عنده بالجيزة وصار خصيصا به وسبب مجيئه إلى مصر ولم يرجع إلى القبطان علمه انه صار ممقوتا في الدولة لان من قواعد دولة العثمانيين انهم إذا أمروا أميرا في ولاية ولم يفلح مقتوه وسلبوه وربما قتلوه وخصوصا إذا كان ذا مال ثم حج المترجم في سنة سبع ومائتين وألف من القلزم وأودع ذخائره عند رشوان كاشف المعروف بكاشف الفيوم لقرابة بينهما من بلادهما ولما كان بالحجاز ووصل الحجاج الطرابلسية ورأوه وصحبته الغلامان وذهبوا إلى أمير الحاج الشامي وعرفوه عنه وعن الغلامين وانه يفعل بهما الفاحشة فأرسل معهم جماعة من اتباعه في حصة مهملة وكبسوا عليه على حين غفلة فوجدوه راقدا ومعه أحد الغلامين فسبه الطرابلسية ولعنوه وقطعوا لحيته وضربوه بالسلاح وجرحوه جرحا بالغا وأخذوا منه الغلامين وكادوا يقتلونه لولا جماعة من جماعة أمير الحاج ثم رجع إلى مصر من البحر أيضا واقام في منزلته عند مراد بك زيادة عن ست سنوات إلى أن حضر الفرنسيس إلى الديار المصرية فقاتل مع الامراء وتغرب معهم في قبلي وغيره ثم انفصل عنهم وذهب من خلف الجبل وسار إلى الشام فأرسله الوزير يوسف باشا بعد الكسرة بمكاتبات إلى الدولة فلم يزل حتى وقعت هذه الحوادث وقامت العسكر على محمد باشا واخرجوه ووصل الخبر إلى إسلامبول فطلب ولاية مصر على ظن بقاء حبل الدولة العثمانية واوامرها بمصر وليس بها الا طاهر باشا والارنؤد وجعل على نفسه قدرا عظيما من المال ووصل إلى إسكندرية وبلغه انعكاس الامر وموت طاهر باشا وطرد الينكجرية وانضمام طائفة الارنؤد للمصرلية وتمكنهم من البلدة فأراد أن يدير أمرا ويصطاد العقاب بالغراب فيجوز بذلك سلطنة مجددة ومنقبة مؤبدة فلم تنفعه التدابير ولم تسعفه المقادير فكان كالباحث على حتفه بظلفه والجادع بيده مارن أنفه ولم يعلم أنها القاهرة كم قهرت جبابرة وكادت فراعنة * إذا لم يكن عون من الله للفتى * فأول ما يجني عليه اجتهاده *
(٦٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 ... » »»