عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٩
فاتخدوه سجنا يسجنون به ثم لما قابل المذكور الفرنسيس وامنوه أخذ في اصلاح ما تشعث من البناء وتقيم العمارة ولم يساعده الوقت إذ ذاك لقلة الأخشاب وآلات البناء فاشتغل بذلك على قدر طاقته فلما فرغ البناء وقارب التمام ولم يبق الا اليسير وقع الطاعون باسيوط فمات والمسجد باق على ما هو عليه الآن وهو من المباني العظيمة المزخرفة على هيئة مساجد مصر وكان المذكور ذا بأس وشدة واقدام وشجاعة وتهور مشابه لحسن بك الجداوي في هذه الفعال وموائده مبسوطة وطعامه مبذول وداره باسيوط مقصدا للوارد والقاصد والصادر من الامراء وغيرهم وله اغداقات وصدقات وأنواع من البر ومحبة في العمارة وغراس الأشجار واقتناء الانعام وكان متزوجا بثلاث زوجات إحداهن ابنة سيده عثمان بك توفيت بعصمته والثانية ابنة خشداشه عبد الرحمن المذكور آنفا والثالثة زوجة علي كاشف المعروف بجمال الدين وكان ذا بأس وله صولة وظلم وتجاوز على سفك الدماء فبذلك خافته عرب الناحية وأهل القرى وقاتل العرب مرارا وقتل منهم الكثير وبسكناه باسيوط كثرت عمارتها وأمنت طرقها برا وبحرا واستوطنها الكثير من الناس لحمايتهم وعدم صولة أحد على أهلها وله مهاداة مع الامراء المصرية وأرباب الحل والعقد بها والمتكلمين عندهم فيرسل إليهم الغلال والعبيد والجوراي السود والطواشية وغير ذلك وله عدة مماليك بيض وسود أعتق كثيرا من جملتهم عزيرتا الأمير أحمد كاشف المعروف بالشعراوي رقيق حواشي الطبع مهذب الاخلاق ذو فروسية في ركوب الخيل ومحبة في العلماء واللطفاء وهو من جملة محاسن سيده ومات كل من الأمير باكير بك والأمير محمد بك تابع حسين بك كشكش كلاهما بالشام ومات غير هؤلاء ممن لم تحضرني أسماؤهم واستهلت سنة ست عشرة ومائتين وألف بيوم الخميس وباستهلالها خف امر الطاعون وفي ليلة الجمعة تلك ارسل عبد العال
(٤٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 464 ... » »»