الجاهلين وانهم هم المأخوذون بذلك كما أن من فوقهم مأخوذ عنهم فالعاقل يشتغل بما يعنيه على أنه لم يبق في الناس الا رسوم هافتة وانفصلوا على ذلك هذا وديوان المليون يعملون فيه بالجد والاجتهاد وبث المعينين من القواسة والفرنساوية في المطالبة بالثلث والكسرة الباقية من الفردة والتشديد في أمر الكرنتينة وازعاج الناس من ذلك وخوفهم من حصول الطاعون وأشاعوا فيما بينهم أن من أصابه هذا الداء في مكان كشفوا عليه فإن كان مريضا بذلك الداء أخذوا ذلك المصاب إلى الكرنتينة عندهم وانقطع خبره عن أهله الا أن كان له أجل باق ويشفى من ذلك ويعود إليهم صحيحا والا فلا يراه أهله بعد ذلك أصلا ولا يدري خبره لأنه إذا مات أخذه الموكلون بالكرنتينة ودفنوه بثيابه في حفرة وردموا عليه التراب وأما داره فلا يدخلها أحد ولا يخرج منها مدة أربعة أيام ويحرقون ثيابه التي تختص به ويقف على بابه حرس فان مر أحد ولمس الباب أو الحد المحدود قبضوا عليه وأدخلوه الدار وكرتنوه وان مات الشخص في بيته وظهر انه مطعون جمعوا ثيابه وفرشه وأحرقوها وغسله الغاسل وحمله الحمالون لا غير وأخرجوه من غير مشهد وامامه ناس تمنع المارين من التقرب منه فان قرب منه أحد كرتنوه في الحال وبعد دفنه يكرتنون على كل من باشره بغسل أو حمل أو دفن فلا يخرجون الا لخدمة أخرى مثلها بشري لامساس فهال الناس هذا الفعل واستبشعوه وأخذوا في الهرب والخروج من مصر إلى الأرياف لذلك والتوهم وقوع الفتنة بورود أخبار المراكب إلى أبي قير وتحذر الفرنساوية واستعدادهم وتأهبهم ونقل أمتعتهم إلى القلعة وفي تاسع عشرة خرجت عساكر كثير بحمولهم وفرشهم وذهبوا إلى جهة الشرق وأشيع حضور عرضي العثمانية ووصولهم إلى العريش صحبة يوسف باشا الوزير وفيه أصعدوا الشيخ السادات إلى القلعة من غير إهانة
(٤١٥)