عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ٣٠٦
انه اذن له بذلك وانه تولى القطبانية ونحو ذلك فأقبلت الرجال والنساء على زيارته والتبرك به وسماع ألفاظه والانصات إلى تخليطاته وتأويلها بما في نفوسهم وطفق أخوه المذكور يرغبهم ويبث لهم في كراماته وانه يطلع على خطرات القلوب والمغيبات وينطق بما في النفوس فانهمكوا على الترداد اليه وقلد بعضهم بعضا واقبلوا عليه بالهدايا والنذور والامدادات الواسعة من كل شيء وخصوصا من نساء الامراء والأكابر وراج حال أخيه واتسعت أمواله ونفقت سلعته وصادت شبكته وسمن الشيخ من كثرة الاكل والدسومة والفراغ والراحة حتى صار مثل البو العظيم فلم يزل على ذلك إلى أن مات في سنة سبع بعد المائتين كما تقدم فدفنوه بمعرفة أخيه في قطعة حجر عليها من هذا المسجد من غير مبالاة ولا مانع وعمل عليه مقصورة ومقاما وواظب عنده بالمقرئين والمداحين وأرباب الاشاير والمنشدين بذكر كراماته وأوصافه في قصائدهم ومدحهم ونحو ذلك ويتواجدون ويتصارخون ويمرغون وجوههم على شباكه وأعتابه ويغرفون بأيديهم من الهواء المحيط به ويضعونه في أعبابهم وصار ذلك المسجد مجمعا وموعدا فلما حضر الفرنساوية إلى مصر تشاغل عنه الناس واهمل شانه في جملة المهملات وترك مع المتروكات فلما فتح امر الموالد والجمعيات ورخص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع واجتماع النساء واتباع الشهوات والتلاهي وفعل المحرمات أعيد هذا المولد مع جملة ما أعيد واستهل شهر جمادى الأولى بيوم الجمعة سنة 1214 فيه اهتم الفرنسيس بعمل عيدهم المعتاد وهو عند الاعتدال الخريفي وانتقال الشمس لبرج الميزان فنادوا بفتح الأسواق والدكاكين ووقود القناديل وشددوا في ذلك وعملوا عزائم وولائم واطعمة ثلاثة أيام آخرها يوم الاثنين ولم يعملوه على هيئة العام الماضي من الاجتماع بالازبكية عند الصاري العظيم المنتصب والكيفية المذكورة لان ذلك الصاري سقط وامتلآت البركة بالماء فلما كان يوم الأحد نبهوا على الامراء
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»