عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ١٨١
ومن حصونهم انزلوهم ونادى الفرنسيس بالأمان في البلد ورفع بنديراته عليها وطلب أعيان الثغر فحضروا بين يديه فالزمهم بجمع السلاح واحضاره اليه وان يضعوا الجوكار في صدورهم فوق ملبوسهم والجوكار ثلاث قطع من جوخ أو حرير أو غير ذلك مستديرة في قدر الريال سوداء وحمراء وبيضاء توضع بعضها فوق بعض بحيث تكون كل دائرة أقل من التي تحتها حتى تظهر الألوان الثلاثة كالدوائر المحيط بعضها ببعض ولما وردت هذه الأخبار مصر حصل للناس انزعاج وعول أكثرهم على الفرار والهجاج وأما ما كان من حال الامراء بمصر فان إبراهيم بك ركب إلى قصر العيني وحضر عنده مراد بك من الجيزة لأنه كان مقيما بها واجتمع باقي الامراء والعلماء والقاضي وتكلموا في شأن هذا الامر الحادث إلى إسلامبول وان مراد بك يجهز العساكر ويخرج لملاقاتهم وحربهم وانفض المجلس على ذلك وكتبوا المكاتبة وأرسلها بكر باشا مع رسوله على طريق البرلياتية بالترياق من العراق وأخذوا في الاستعداد للثغر وقضاء اللوازم والمهمات في مدة خمسة أيام فصاروا يصادرون الناس ويأخذون أغلب ما يحتاجون اليه بدون ثمن ثم ارتحل مراد بك بعد صلاة الجمعة وبرز خيامه ووطاقه إلى الجسر الأسود فمكث به يومين حتى تكامل العسكر وصناجقه وعلي باشا الطرابلسي وناصف باشا فإنهم كانوا من اخصائه ومقيمين معه بالجيزة وأخذ معه عدة كثيرة من المدافع والبارود وسار من البر مع العساكر الخيالة وأما الرجال وهم الالداشات القلينجية والاروام والمغاربة فإنهم ساروا في البحر مع الغلايين الصغار التي أنشأها الأمير المذكور ولما ارتحل من الجسر الأسود ارسل إلى مصر يأمر بعمل سلسلة من الحديد في غاية الثخن والمتانة وطولها مائة ذراع وثلاثون ذراعا لتنصب على البغاز عند برج مغيزل من البر إلى البر لتمنع مراكب الفرنسيين من العبور لبحر النيل وذلك بإشارة علي باشا وان يعمل عندها جسر من المراكب وينصب عليها متاريس ومدافع ظنا منهم
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»