تكاد تقع الأرجل الاعلى خلائق مطروحين بالازقة وإذا وقع حمارا وفرس تزاحموا عليه واكلوه نيا ولو كان منتنا حتى صاروا يأكلون الأطفال ولما انكشف الماء وزرع الناس البرسيم ونبت اكلته الدودة وكذلك الغلة فقلب أصحاب المقدرة الأرض وحرثوها وسقوها بالماء من السواقم والنطالات والشواديف واشتروا لها التقاوى بأقصى القيم وزرعوها فأكله الدود أيضا ولم ينزل من السماء قطرة ولا أندية ولا صقيع بل كان في أوائل كيهلك شرودات وأهوية حارة ثقيلة ولم يبق بالارياف الا القليل من الفلاحين وعمهم الموت والجلاء وفي أواخر شهر ربيع الأول حضر صالح آغا من الديار الرومية وعلى يده مرسومات بالعفو وثلاث خلع إحداها للباشا والاخريان لإبراهيم بك ومراد بك فاجتمعوا بالديوان وقرأوا المرسومات وضربوا مدافع واحضر صحبته صالح آغا وكالة دار السعادة وانتزعها من مصطفى آغا واستولى على ملابلها وفيه وصلت غلال رومية وكثرت بالساحل فحصل للناس اطمئنان وسكون ووافق ذلك حصاد الذرة فنزل السعر إلى أربعة عشر ريالا الاردب واما التبن فلا يكاد يوجد وإذا وجد منه شيء فلا يقدر من يشتريه على ايصاله لداره أو دابته بل يبادر لخطفه السواس واتباع الأجناد في الطريق وإذا سمعوا واستشعروا بشيء منه في مكان كبسوا عليه واخذوه قهرا فكان غالب مؤنة الدواب قصب الذرة الناشف ويشرح الكثير من الفقراء والشحاذين في نواحي الجسور فيجمعون ما يمكنهم جمعه من الحشيش اليابس والنجيل الناشف ويأتون به ويطوفون به الأسواق ويبيعونه بأغلى الأثمان ويتضارب على شرائه الناس وان صادفهم السواس والقواسة خطفوه من على رؤوسهم واخذوه قهرا وفيه وصلت الاخبار بان علي بك الدفتردار لما سافر من القصير طلع على المويلح وركب من هناك مع العرب إلى غزة وارسل سرا إلى مصر وطلب رجلا نصرانيا من اتباعه فذهب اليه صحبة الهجان بمطلوبات وبعض
(١٤٤)