عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٤٤٠
1181 أتى الامر من صاحب الدولة بتوجيه بعض عساكر مصرية تقوية للمجهادين فكان هو من جملة المعينين فيهم رئيسا في طائفتهم فتوجه إلى الإسكندرية وركب منها إلى الروم وابلى في تلك السفرة بلاء حسنا وبعد مدة اذن لهم بالانصراف فعاد إلى مصر وقد وهنت قواه واعترته الأمراض وزاد شكواه وهو مع ذلك يكتب ويفيد ويجيز ويعيد ويحضر مجالس أهل الخط على عادته وجلس ملازما لفراشه مدة حتى وافاه الحمام ليلة الأحد سادس عشر ذي الحجة فجهز وصلى عليه بمشهد حافل في مصلى المؤمنين ودفن عند ابن أبي جمرة قرب العياشي في قبر كان أعده لنفسه منذ مدة ولم يخلف بعده مثله رحمه الله سنة ثمان وثمانين ومائة وألف استهلت ووالي مصر خليل باشا محجور عليه ليس له في الولاية الا الاسم والعلامة على الأوراق والتصرف الكلي للأمير الكبير محمد بك أبي الذهب والامراء وأعيان الدولة مماليكه واشرافاته والوقت في هدوء وسكون وامن والاحكام في الجملة مرضية والأسعار رخية وفي الناس بقية وستائر الحياء عليهم مرخية شعر * ماالدهر في حال السكون بساكن * ولكنه مستجمع لو ثوب * ومات في هذه السنة الإمام العلامة والتحرير الفهامة حامل لواء العلوم على كاهل فضله ومحرر دقائق المنطوق والمفهوم بتحريره ونقله من تكلحت بحبره عيون الفتوى وتشنفت المسامع بما عنه يروى وارتفع من حضيض التقليد إلى ذرا الفضائل وسابق في حلبة العلوم فحاز قصب الفواضل الروض النضير الذي ليس له في سائر العلوم نظير وهو في فقه النعمان الجامع الكبير عمدة الأنام وفيلسوف الاسلام سيدي ووالدي بدر الملة أبي التدائي حسن بن برهان الدين إبراهيم ابن
(٤٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 445 ... » »»