عجائب الآثار - الجبرتي - ج ١ - الصفحة ٤٣١
بدون السلطنة العظمى والرياسة الكبرى لا يميل لسوى الجد ولا يحب اللهو ولا المزح ولا الهزل ويحب معالي الأمور من صغره واتفق ان بعض ولاة الأمور تشاوروا في تقليده الامارة فنقل اليه مجلسهم وذكر له مساعدة فلان وممانعة فلان فقال انا لا أتقلد الامارة الا بسيفي لا بمعونة أحد ولم يزل يرقى في مدارج الصعود حتى عظم شأنه وانتشر صيته ونما ذكره وكان يلقب بجن علي ولقب أيضا ببلوط قبان وانضم إلى عبد الرحمن كتخدا واظهر له خلوص المحبة واغثر هو أيضا به وظن صحة خلوصه فركن اليه وعضده وساعده ونوه بشأنه ليقوى به على نظرائه من الاختيارية والمتكلمين واتفق انه وقع بين أحمد جاويش المجنون تابعه وبين أهل وجاقة حادثة نقموا عليه فيها وأوجبوا عليه النفي بحسب قوانينهم واصطلاحهم واعرضوا الامر على عبد الرحمن كتخدا أستاذه فعارض في ذلك ولم يسلم لهم في نفي أحمد جاويش ورأى ذلك نقصا في حقه فتلطف به بعضهم وترجوا في اخراجه ولو إلى ناحية ترسا بالجيزة أياما قليلة مراعاة وحرمة للوجاق فلم يرض وحنق واحتد فلما كان في اليوم الثاني واجتمع عليه الامراء والأعيان على عادتهم قال لهم أيها الامراء من انا اجابه الجميع بقولهم أنت استاذنا وابن استاذنا وصاحب ولائنا قال إذا أمرت فيكم بأمر تنفذوه وتطيعوه قالوا نعم قال علي بك هذا يكون أميرنا وشيخ بلدنا ومن بعد هذا اليوم يكون الديوان والجمعية بداره وانا أول من اطاعه وآخر من عصى عليه فلم يسعهم الا قبول ذلك بالسمع والطاعة وأصبح راكبا إلى بيت علي بك وتحول الديوان والجمعية اليه من ذلك اليوم واستفحل أمره ولم يمض على ذلك الا مدة يسيرة حتى أخرج أحمد جاويش المذكور وحسن كتخدا الشعرواي وسليمان بك الشابوري كما تقدم ثم غدر به أيضا واخرجه إلى الحجاز من طريق السويس وأرسل معه صالح بك ليوصله إلى ساحل
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»