تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ١١٨
الجواب مستقيما أو موافقا للسؤال ووقوع ذلك في هذه الصناعة في تكسير الحروف المجتمعة من السؤال والأوتار والدخول في الجدول بالاعداد المجتمعة من ضرب الاعداد المفروضة واستخراج الحروف من الجدول بذلك وطرح أخرى ومعاودة ذلك في الأدوار المعدودة ومقابلة ذلك كله بحروف البيت على التوالي غير مستنكر وقد يقع الاطلاع من بعض الأذكياء على تناسب بين هذه الأشياء فيقع له معرفة المجهول فالتناسب بين الأشياء هو سبب الحصول على المجهول من المعلوم الحاصل للنفس وطريق لحصوله سيما من أهل الرياضة فإنها تفيد العقل قوة على القياس وزيادة في الفكر وقد مر تعليل ذلك غير مرة ومن أجل هذا المعنى ينسبون هذه الزايرجة في الغالب لأهل الرياضة فهي منسوبة للسبتي ولقد وقفت على أخرى منسوبة لسهل بن عبد الله ولعمري إنها من الاعمال الغريبة والمعاناة العجيبة والجواب الذي يخرج منها فالسر في خروجه منظوما يظهر لي إنما هو المقابلة بحروف ذلك البيت ولهذا يكون النظم على وزنه ورويه ويدل عليه أنا وجدنا أعمالا أخرى لهم في مثل ذلك أسقطوا فيها المقابلة بالبيت فلم يخرج الجواب منظوما كما تراه عند الكلام على ذلك في موضعه وكثير من الناس تضيق مداركهم عن التصديق بهذا العمل ونفوذه إلى المطلوب فينكر صحتها ويحسب أنها من التخيلات والايهامات وأن صاحب العمل بها يثبت حروف البيت الذي ينظمه كما يريد بين أثناء حروف السؤال والأوتار ويفعل تلك الصناعات على غير نسبة ولا قانون ثم يجئ بالبيت ويوهم أن العمل جاء على طريقة منضبطة وهذا الحسبان توهم فاسد حمل عليه القصور عن فهم التناسب بين الموجودات والمعدومات والتفاوت بين المدارك والعقول ولكن من شأن كل مدرك إنكار ما ليس في طوقه إدراكه ويكفينا في رد ذلك مشاهدة العمل بهذه الصناعة والحدس القطعي فإنها جاءت بعمل مطرد وقانون صحيح لا مرية فيه عند من يباشر ذلك ممن له ذكاء وحدس وإذا كان كثير من المعاياة في العدد الذي هو أوضح الواضحات يعسر على الفهم إدراكه لبعد النسبة فيه وخفائها فما ظنك بمثل هذا مع خفاء النسبة فيه وغرابتها فلنذكر مسألة من المعاياة يتضح لك بها شئ مما ذكرنا مثاله لو قيل لك خذ عددا من الدراهم واجعل بإزاء كل درهم ثلاثة من
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»