الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٤ - الصفحة ٢٦٨
كان قد بلغ الرشيد عنه ما أهدر به دمه فخلصه جعفر فقال فيه * ما زلت في غمرات الموت مطرحا * يضيق عني فسيح الرأي من حيلي * * فلم تزل دائبا تسعى بلطفك لي * حتى اختلست حياتي من يدي أجلي * وكلم يحيى بن خالد في حاجة له كلمات قليلة فقال له يحيى لقد نزر كلامك اليوم وقل فقال وكيف لا يقل وقد تكنفني ذل المسالة وحيرة الطلب وخوف الرد فقال له يحيى لئن قل كلامك لقد كثرت فوائده ومن شعره * ولو كان يستغني عن الشكر ماجد * لعزة ملك أو علو مكان * * لما أمر الله العباد بشطره * وقال اشكروا لي أيها الثقلان * ومنه * لوم يعيذك من سوء تفارقه * أبقى لعرضك من قول يداجيكا * * وقد رمى بك في تيهاء مهلكة * من بات يكتمك العيب الذي فيكا * ولما دخل على المأمون كان عنده إسحاق الموصلي فسلم عليه فرد عليه وأدناه ناه وقربه حتى قرب منه وقبل يده واقبل عليه يسائله عن حاله وهو يجيب بلسان طلق فاستظرفه المأمون واقبل عليه بالمداعبة والمزاح فظن أنه استخف به فقال يا أمير المؤمنين الإيناس من قبل الأبساس فاشتبه على المأمون فنظر إلى إسحاق مستفهما فأومأ إليه وغمزه على معناه حتى فهمه ثم قال يا غلام ألف دينار فأتي بذلك فدعها إلى العتابي ثم غمز) المأمون إسحاق الموصلي عليه فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فبقي العتابي ثم قال يا أمير المؤمنين إيذن لي في مساءلة هذا الشيخ عن اسمه فقال نعم سله فقال لإسحاق يا شيخ من أنت وما اسمك فقال أنا من الناس واسمي كل بصل فتبسم العتابي وقال أما النسب فمعروف وأما الاسم فمنكر فقال إسحاق ما أقل إنصافك أتنكر أن يكون الاسم كل بصل واسمك كل ثوم وما كلثوم من الأسماء أوليس البصل أطيب من الثوم فقال العتابي لله درك ما أحجك أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما وصلتني فقال بل هو موفر عليك ونأمر له بمثله فقال إسحاق أما إذ أقررت بهذا فتوهمني تجدني فقال ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي يتناهى إلينا خبره قال أنا حيث ظننت فأقبل عليه بالتحية والسلام فقال المأمون وقد طال الحديث بينهما أما إذ اتفقتما فانصرفا متنادمين فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده ووفد إلى عبد الله بن طاهر عدة من الشعراء فعلم أنهم على بابه فقال لخادم أديب
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»