الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٤ - الصفحة ١٦٢
فيرسل بها من يفرقها ثم إنه ينزله هو وكل ومن معه عنده ولا يدعه يجد محيصا فلما أتاه الأمير سيف الدين أرغون الدوادار أنزله عنده ولم يمكنه من الخروج خطرة وأنزل مماليكه عند مماليكه وكان عنده كأنه تحت الترسيم وفتح أجربتهم وفتق نمازنيات سروجهم فوجدوا فيها الملطفات بإمساكه فأعادها إلى أماكنها وطاوله إلى أن نجز حاله ولا يظهر له شيئا مما فهمه وغالطه بالبسط والانشراح قال حكى لي الصاحب عز الدين ابن القلانسي قال أتيت قراسنقر وكان يأنس إلي وقلت له ما هذا الذي اسمعه فإن الناس نوحوا بإمساكه فقال اصبر حتى أمزجك ثم قال لأرغون بأي شيء غويتم أنتم فإنا نحن كنا غاوين بالعلاج والصراع وحدثته في مثل هذا فقال أرغون ونحن هكذا فقال أنت أيش تعمل قال أصارع فأحضر قراسنقر مصارعين قدامه ثم لم يزل لبه حتى قام أرغون وصارع قدامه فبقي قراسنقر يتطلع إلي ويقول يا مولانا ابصر من جاء يمسكني انتهى قال وفهم بيبرس العلائي الحال من غير أن يقال له فركب على سبيل الاحتياط على أنه يمسكه فبعث يقول له إن كان جاءك مرسوم من أستاذي أوقفني عليه فما عندي إلا السمع والطاعة وإن كان جاءك مرسوم خلني وإلا أنا أركب وأقاتل إما أنتصر أو اقتل أو أهرب ويكون عذري قائما عند أستاذي وابعث أقول له إنك أنت الذي هربتني فتخيل بيرس العلائي وراح إلى بيته) وكان نيابة حلب قد خلت وقد بعث السلطان مع أرغون إليه تقليدا بنيابتها وفيه اسم النائب خاليا وقال له اتصرف في هذه النيابة وعينها لمن تختاره فهي لك إن اشتهيت تأخذها خذها وإن أردتها لغيرك فهي له وكان في تلك المدة كلها يبعث قراسنقر إلى السلطان ويقول يا خوند أنا قد ثقل جناحي في حلب بكثرة علائقي بها وعلائق مماليكي ولو تصدق السلطان بعودي إليها كنت رحت إليها فلما كان من بيبرس العلائي ما كان قال لأرغون أنا قد استرخت الله تعالى وأنا رايح إلى حلب ثم قام وركب ملبسا تحت الثياب من وقته وركب مماليكه معه هكذا وخرج إلى حلب وأرغون معه إلى جانبه ما يفارقه والمماليك حوله لا يمكن الأمراء من الدخول إليه ولا التسليم عليه وخرج على حمية إلى حلب في يوم الأحد ثالث المحرم سنة إحدى عشرة وسبعمائة وأقام بها وهو على خوف شديد ثم طلب الدستور للحج فلما كان بزيزاء أتته رسل السلطان تأمره بأن يأتي الكرك ليأخذ ما أعده السلطان هناك من الإقامات فزاد تخييله وكثر تردد الرسل في هذا فعظم توهمه وركب لوقته وقال أنا ما بقيت أحج ورمى هو وجماعة ما لا يحصى من الزاد وأخذ مشرقا يقطع عرض السماوة حتى أتى مهنا بن عيسى ونزل عليه واستجار بهوأتى حلب
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»