الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢١ - الصفحة ٤٩
* ما زلت مذ صار الأمين معي * عبدي يدي ومطيتي رجلي * * وعلى فراشي من ينهنهني * من نومتي وقيامه قبلي * * أسعى برجل منه ثالثة * موفورة مني بلا رجل * * وإذا ركبت أكون مرتدفا * قدام سرجي راكبا مثلي * * فامنن علي بما يسكنه * عني وأهد الغمد للنصل * فأمر له الرشيد بعشرة آلاف درهم وجارية حسناء وخادم وبرذون وجميع ما تحتاج الجارية إليه وحكي أنه كان يشرب الشراب ويأتي الغلمان قيل إنه أقام غلاما ممن عنده في الكتاب يفسق به وجاء بعض الكتاب ليسلم عليه فرآه الكسائي ولم يره الغلام فجلس الكسائي في مكانه وبقي الغلام قائما مبهوتا فلما دخل الكاتب قال ما شأن هذا الغلام قائما قال وقع الفعل عليه فانتصب ذكر ذلك ياقوت في معجم الأدباء وأشرف الرشيد عليه يوما وهو لا يراه فقام الكسائي ليلبس نعليه فابتدر الأمين والمأمون فوضعاها بين يديه فقبل رؤوسهما وأيديهما وأقسم عليهما أن لا يعاودوا ذلك أبدا فلما جلس الرشيد مجلسه قال أي الناس أكرم خدما قالوا أمير المؤمنين أعزه الله تعالى فقال بل الكسائي يخدمه الأمين والمأمون وحدثهم الحديث وقال الفراء مدحني رجل من النحويين فقال لي ما اختلافك إلى الكسائي وأنت مثله في النحو فأعجبتني نفسي فأتيته فناظرته مناظرة الأكفاء وكأني كنت طائرا يغرف من البحر بمنقاره وقال الفراء مات الكسائي وهو لا يدري حد نعم وبئس ولا حد أن المفتوحة ولا حد الحكاية ولم يكن الخليل يحسن حد النداء ولا كان سيبويه يدري حد التعجب وكان سبب تعلم الكسائي النحو أنه جاء إلى قوم من الهباريين وقد أعيى فقال قد عييت فقالوا له أتجالسنا وتلحن فقال كيف لحنت فقالوا إن كنت أردت من انقطاع الحيلة والتحير في الأمر فقل عييت مخففا وإن كنت أردت من التعب فقل أعييت فأنف من هذه) الكلمة ثم قام من فوره وأتى إلى معاذ الهراء ولازمه حتى أخذ ما عنده وخرج إلى البصرة فأتى الخليل وجلس في حلقته فقال له رجل من الإعراب تركت أسد الكوفة وتميما وعندها الفصاحة وجئت إلى البصرة فقال الخليل من أين أخذت علمك هذا فقال من بوادي الحجاز ونجد وتهامة فخرج ورجع وقد أنفذ خمس عشرة قنينة حبرا في الكتابة عن العرب سوى ما حفظ فلم يكن له هم غير البصرة والخليل فوجد الخليل قد مات وجلس في موضعه
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»