الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٩ - الصفحة ١١٣
الناس وأخطبهم ولم يكن) في عصره مثله في فصاحته وصيانته وجلالته قيل ليحيى بن خالد البرمكي وقد ولى الرشيد عبد الملك المدينة كيف ولاه المدينة من بين أعماله قال أحب أن يباهي به قريشا ويعلمهم أن في بني العباس مثله ودخل على الرشيد وقد توفي له ولد وجاءه ولد فقال يا أمير المؤمنين سرك الله فيما ساءك ولا ساءك فيما سرك وجعل هذه بهذه جزاء للشاكر وثوابا للصابر وقيل له إن أخاك عبد الله يزعم أنك حقود فقال * إذا ما امرؤ لم يحقد لم تجد * لديه لدى العمى جزاء ولا شكرا * ووجه إلى الرشيد فاكهة في أطباق الخيزران وكتب إليه أسعد الله أمير المؤمنين وأسعد به دخلت بستانا لي أفادنيه كرمك وعمرته لي نعمك وقد ينعت أشجاره وآنت ثماره فوجهت إلى أمير المؤمنين من كل شيء شيئا على الثقة والإمكان في أطباق القضبان ليصل إلي من بركة دعائه مثل ما وصل إلي من كثرة عطائه فقال له رجل يا أمير المؤمنين لم أسمع بأطباق القضبان فقال الرشيد يا أبله إنه كنى عن الخيزران إذ كان اسما لأمنا ولما ودعه الرشيد وقد وجهه إلى الشام قال له الرشيد ألك حاجة قال نعم يا أمير المؤمنين بيني وبينك وبين يزيد بن الدثنة حيث يقول * فكوني على الواشين لداء شغبة * كما أنا للواشي ألد شغوب * ثم إن الرشيد جعل ابنه القاسم في حجر عبد الملك بن صالح فقال عبد الملك يحضه على أن يوليه العهد بعد أخويه الأمين والمأمون وأن يجعله ثالثا لهما * يا أيها الملك الذي * لو كان نجما كان سعدا * * للقاسم اعقد بيعة * واقدح له في الملك زندا * * الله فرد واحد * فاجعل ولاة العهد فردا * فجعله الرشيد ثالثا لهما ثم وشى به بعد ذلك الناس وتتابعت الأخبار عنه بفساد نيته للرشيد فدخل عليه في بعض الأيام وقد امتلأ قلب الرشيد فقال أكفرا بالنعمة وغدرا بالإمام فقال عبد الملك قد بؤت إذا بأعباء الندم واستحلال النقم وما ذاك يا أمير المؤمنين إلا بفي حاسد نافس فيك وفي تقديم الولاية مودة القرابة يا أمير المؤمنين إنك خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته وأمينه على عترته لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»