ولما اجتاز أبو نواس بحمص سمع به الديك فاختفى خوفا منه لأنه قاصر فقصده أبو نواس في داره فاستأذن عليه فأنكرته الجارية ففهم المعنى فقال للجارية قولي له اخرج فقد فتنت أهل العراق بقولك * موردة من كف ظبي كأنما * تناولها من خده فأدارها * فلما سمع ذلك خرج إليه وأضافه وكان الديك يهوى غلاما له وجارية فاتهمها به وقتلهما وأحرقهما وعمل من رمادهما برنيتين ثم تبين له أمرهما وأنه ظلمهما فكان يضع البرنيتين عن يمينه ويساره ويملأهما شرابا ويقبل هذه تارة وهذه تارة وقال فيهما الأشعار الكثيرة ومنها في الجارية الكامل * يا طلعة طلع الحمام عليها * وجنى لها ثمر الردى بيديها * * رويت من دمها الثرى ولطالما * روى الهوى شفتي من شفتيها * * قد بات سفي في مجال وشاحها * ومدامعي تجري على خديها * * فوحق نعليها وما وطئ الحصى * شيء أعز علي من نعليها * * ما كان قتليها لأني لم أكن * أبكي إذا سقط الذباب عليها * * لكن ضننت على العيون بحسنها * وأنفت من نظر الحسود إليها * ومنه في الغلام الكامل * أشفقت أن يرد الزمان بغدره * أو أبتلي بعد الوصال بهجره * * قمر إذا استخرجته من دجنه * لبليتي ورفعته من خدره * * فقتلته وبه علي كرامة * ملء الحشا وله الفؤاد بأسره * * عهدي به ميتا كأحسن نائم * والحزن يسفح دمعتي في نحره * * لو كان يدري الميت ماذا بعده * بالحي كان له بكى في قبره * * غصص تكاد تغيظ منها نفسه * ويكاد يخرج قلبه من صدره * وقال في الجارية البسيط) * جاءت تزور فراشي بعدما قبرت * فظلت ألثم نحرا زانه الجيد * * وقلت قرة عيني قد بعثت لنا * فكيف ذا وطريق القبر مسدود * * قالت هناك عظامي في مودعة * تعيث فيها بنات الأرض والدود * * وهذه الروح قد جاءتك زائرة * هذي زيارة من في القبر ملحود * 3 (سحنون المالكي)) عبد السلام بن سعيد أبو سعيد التنوخي الحمصي ثم
(٢٥٨)