تقول في أمر أبي مسلم فقال يا أمير المؤمنين إن كنت أخذت من رأسه شعرة فاقتل ثم اقتل ثم اقتل فقال المنصور وفقك الله ها هو في البساط فلما نظره قتيلا قال يا أمير المؤمنين عد هذا اليوم أول خلافتك فأنشد المنصور الطويل * فألقت عصاها واستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر * ثم أقبل المنصور على من حضره وأبو مسلم بين يديه طريحا وأنشد السريع * زعمت أن الدين لا يقتضى * فاستوف بالكيل أبا مجرم * * إشرب بكأس كنت تسقي بها * أمر في الحلق من العلقم *) وفيه يقول أبو دلامة الطويل * أبا مجرم ما غير الله نعمة * على عبده حتى يغيرها العبد * * أفي دولة المنصور حاولت غدرة * ألا إن أهل الغدر آباؤك الكرد * * أبا مجرم خوفتني القتل فانتحى * عليك بما خوفتني الأسد الورد * وكان المنصور بعد قتله أبا مسلم كثيرا ما ينشد لجلسائه الطويل * طوى كشحه عن أهل كل مشورة * وبات يناجي عزمه ثم صمما * * وأقدم لما لم يجد ثم مذهبا * ومن لم يجد بدا من الأمر أقدما * وفي سنة إحدى وأربعين ومائة ظهر الريوندية وهم قوم من خراسان على رأي أبي مسلم الخراساني يقولون في ما زعم بتناسخ الأرواح وأن روح آدم حلت في عثمان بن نهيك وأن المنصور هو ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم وأن الهيثم بن عدي هو جبريل أتوا قصر المنصور وجعلوا يطيفون به ويقولون هذا فقبض المنصور منهم نحو المائتين من الكبار وحبسهم فغضب الباقون لأجل ذلك وحملوا نعشا ومروا به على باب السجن يوهمون أنها
(١٦٥)