ونال بها الحشمة الوافرة والتقدم وازدحم الطلبة عليه وكان حنبليا فصار حنفيا تقدم في مذهب أبي خنيفة وأفتى ودرس وصنف وأقرأ القرآات والنحو واللغة الشعر وكان صحيح السماع ثقة في النقل ظريفا في العشرة طيب المزاج قرأ عليه جماعة وآخر من روى عنه بالإجازة أبو حفص ابن القواس ثم أبو حفص عمر بن إبراهيم العقيمي الأديب واستوزره فرخشاه ثم بعد ذلك اتصل بأخيه تقي الدين عمر صاحب حماة واختص به وكثرت أمواله وكان المعظم عيسى يقرأ عليه دائما قرأ عليه سيبويه فصا وشرحه والحماسة والإيضاح وشيئا كثيرا كان يأتي من القلعة ما شيا إلى درب العجم والمجلد تحت إبطه واشتمل عليه فرخشاه وابنه الملك الأمجد ثم تردد إليه بدمشق الملك الأفضل وأخوه الملك المحسن ولما مات خامس ساعة يوم الاثنين سادس شوال في التأريخ المقدم صلى عليه العصر بجامع دمشق ودفن بتربته بسفح قاسيون وعقد العزاء له تحت النسر يومين وانقطع بموته إسناد عظيم وفيه يقول الشيخ علم الدين السخاوي من الرمل * لم يكن في عصر عمر مثله * وكذا الكندي في آخر عصر * * فهما زيد وعمرو إنما * بني النحو على زيد وعمرو * وفيه يقول أيضا ابن الدهان من البسيط * يا زيد زادك زبي من مواهبه * نعمي يقصر عن إدراكها الأمل * * لا غير الله حالا قد حباك بها * ما دار بين النحاة الحال والبدل * * النحو أنت أحق العالمين به * لأن باسمك فيه يضرب المثل * وكتب الشيخ تاج الدين المنسوب طبقة وخطه على الكتب الأدبية كثير واقتنى كتبا عظيمة أدبية وغير أدبية وعدتها سبع مائة وأحد وسبعون مجلدا وله خزانة بالجامع الأموي بدمشق في مقصورة الحلبيين فيها كل نفيس وله مجلد حواش على ديوان المتنبي يتضمن لغة وإعرابا وسرقات ومعاني ونكتا وفوائد وسماها الصفوة وحواش على ديوان خطب ابن نباتة وفيهاب يان أوهام وأغاليط وقعت للخطيب وأجابه عنها الموفق البغدادي المعروف بالمطجن وكان ركن الدين الوهراني صاحب المنام والترسل قد أولع به وقد مر شيء من ذلك في ترجمة الوهراني في المحمدين في محمد بن محرز ولما كان ثالث عشر شهر رجب سنة خمس) وست مائة كان الشيخ تاج الدين جالسا عند الوزير إلى جانبه فجاء ابن دحية المحدث فأجلسه في الجانب الآخر فأورد ابن ديحة حديث الشفاعة فلما وصل إلى قول إبراهيم الخيل صلوات الله وسلامه عليه وقوله إنما كنت خليلا من وراء وراء ففتح ابن دحية الهمزتين فقال الكندي وراء وراء بضم الهمزتين فعز ذلك على ابن دحية وقال
(٣٣)