الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٥ - الصفحة ٢٨٥
* قام الحمام إلى البازي يهدده * وكشرت لأسود الغاب أضبعه * * أضحى يسد فم الأفعى بإصبعه * يكفيه ماذا تلاقي منه إصبعه * فوقفنا على تفصيله وجمله وعلمنا ما تهددنا به من قوله وعمله ويا لله العجب من ذبابة تظن بأذن فيل ولبعوضة تعد في التماثيل قد قالها من قبلك قوم آخرون فدمرنا عليهم وما كانوا يصنعون أللحق تدحضون وللباطل تستنصرون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلون ولئن صدر قولك في قطع رأسي وقلعك لقلاعي من الجبال الرواسي وتلك أماني كاذبة وخيلات غير صائبة فإن الجواهر لا تزول بالأعراض كما أن الأرواح لا تضمحل بالأمراض وإن عدنا إلى الظواهر وعدلنا عن البواطن فلنا في رسول الله أسوة حسنة ما أوذي نبي ما) أوذي وقد علمت ما جرى على عترته وشيعته والحال ما حال والأمر ما زال والله الحمد في الآخرة والأولى وقد علمتم ظاهر حالنا وكيفية رجالنا وما يتمنونه من الفوت ويتقربون به إلى حياض الموت وفي المثل أو للبط تهدد بالشط فهيتي للبلى أسبابا وتدرذع للرزايا دلبابا فلأظهرن عليك منك وتكون كالباحث عن حتفه بظلفه وما ذاك على الله بعزيز فإذا وقفت على كتابنا هذا فكن لأمرنا بالمرصاد ومن حالك على اقتصاد واقرأ أول النحل أو آخر صاد وقال كمال الدين ابن العديم قال نجم الدين ابن إسرائيل قال أخبرني المنتخب ابن دفترخوان قال أرسلني صلاح الدين إلى سنان زعيم الإسماعيلية حين وثبوا على صلاح الدين في المرة الثالثة بدمشق ومعي القطب النيسابوري وأرسل معنا تخويفا وتهديدا فلم يجبه بل كتب في الطرة على كتاب صلاح الدين وقال لنا هذا جوابكم جاء الغراب إلى البازي يهدده الأبيات الثلاثة ثم قال لنا إن صاحبكم يحكم على ظواهر جنده وأنا أحكم على بواطن جندي ودليله ما تشاهد الآن ثم دعا بعشرة من صبيان القاعة وكان على حصنه المنيف فاستخرج سكينا وألقاها إلى الخندق وقال من أراد هذه فليلق نفسه خلفها فتبادروا خلفها وتبا أجمعين فتقطعوا فعدنا إلى السلطان صلاح الدين وعرفناه الحال فصالحه وقال الشيخ قطب الدين في تأريخه إن سنانا سير رسولا إلى صلاح الدين رحمه الله وأمره أن لا يؤذي رسالته إلا خلوة ففتشه صلاح الدين فلم يجد معه ما يخافه فأخلى له المجلس إلا نفرا يسيرا فامتنع من أداء الرسالة حتى يخرجوا فأخرجهم كلهم سوى مملوكين فقال هات رسالتك فقال أمرت أن لا أقولها إلا خلوة قال هذان ما يخرجان فإن أردت أن تذكر رسالتك وإلا قم قال فلم لا يخرج هذان قال لأنهما مثل أولادي فالتفت الرسول إليهما وقال لهما إذا أمرتكما عن مخدومي بقتل هذا السلطان هل تقتلانه فقلا نعم وجذبا سيفيهما فبهت السلطان وخرج الرسول وأخذهما معه وجنح صلاح الدين إلى الصلح ودخل في مرضاته
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»