الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٢ - الصفحة ٢٦٣
وكان الحسن يقول للحسين وددت أن لي بعض شدة قلبك فيقول الحسين وأنا وددت أن يكون لي بعض ما بسط لك من لسانك وقال له أبو هريرة لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم وكان على ميسرة أبيه يوم الجمل وفيه يقول الشاعر من البسيط * مطهرون نقيات وجوههم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا * وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر أنه يقتل بأرض العراق بالطف بكربلاء وأتاه جبريل عليه السلام بتربة الأرض التي يقتل بها فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاها أم سلمة وقال لها إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قتل ثم جعلت تنظر) إليها وتقول إن يوما تحولين دما ليوم عظيم فقتل يوم الجمعة وقيل يوم السبت يوم عاشوراء سنة ستين أو إحدى وستين أو اثنتين وستين للهجرة وله ست وخمسون سنة وكان أهل المدينة قد نصحوه وقالوا له تثبت فإن هذا موسم الحاج فإذا وصلوا اخطب في الناس وادعهم إلى نفسك فنبايعك نحن وأهل هذا الموسم ويتذكر بك الناس جدك ونمضي حينئذ في جملتهم في جماعة ومنعة وسلاح وعدة فلم يصبر فلما كان في بعض الطريق لقيه الفرزدق الشاعر فقال الحسين يا أبا فراس كيف تركت الناس وراءك فعلم عن أي شيء يسأله فقال يا ابن بنت رسول الله تركت القلوب معكم والسيوف مع بني أمية فقال ها إنها مملوءة كتبا وأشار إلى حقيبة كانت تحته ثم كان ما كان وروي عن أبي سعيد المقبري قال والله لرأيت حسينا وإنه ليمشي بين رجلين يعتمد على هذا مرة ومرة على هذا حتى دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من الخفيف لا ذعرت السوام في غلس الصبح مغيرا ولا دعوت يزيدا * يوم أعطي مخافة الموت ضيما * والمنايا يرصدنني أن أحيدا * قال فعلمت عند ذلك أنه لا يلبث إلا قليلا حتى يخرج فما لبث حتى لحق بمكة لما أخذت البيعة ليزيد بن معاوية لم يبايعه الحسين وكان أهل الكوفة كتبوا إلى الحسين يدعونه إلى الخروج زمن معاوية وهو يأبى فقدم قوم منهم ثم غلب على رأيه فخرج ومعه من أهل المدينة تسعة عشر رجلا نساء وصبيان وتبعه محمد بن الحنفية وأعلمه أن الخروج ليس برأي فأبى الحسين فحبس محمد ولده وخرج من مكة متوجها إلى العراق في عشر ذي الحجة فكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد أن حسينا صائر إلى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان وبلدك من بين البلدان وعندها تعتق أو تعود عبدا
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»