الجرجرائي علي بن أحمد ((جرجس بن يوحنا اليبرودي)) جرجس بن يوحنا بن سهيل بن إبراهيم أبو الفرج اليبرودي بالياء آخر الحروف وباء ثانية الحروف وبعدها راء ويبرود قرية إلى جانب صيدنايا من عمل دمشق كان من النصارى اليعاقبة وكان بقريته من جملة فلاحيها يجمع الشيح من بر دمشق ويدخل يبيعه في دمشق فاتفق يوما أن دخل في باب توما فوجد طبيبا يفصد إنسانا قد عرض له رعاف شديد من الجهة التي وقع الفصد فيها فوقف ينظر إليه وقال لم تفعل هذا قال لقطع الدم فقال إن كان الأمر هكذا فإننا في موضعنا قد اعتدنا أنه متى كان نهر جار وأردنا قطع الماء عنه فإننا نجعل له مسيلا إلى ناحية أخرى غير مسامتة له فافعل أنت كذلك ففعل فانقطع الدم فقال الطبيب لليبرودي لو أنك مشتغل بالطب جاء منك طبيب جيد فمالت نفسه إلى الطب واشتغل به ولما تبصر في الطب قصد أبا الفرج بن الطيب كاتب الجاثليق ببغداد وقرأ عليه الطب والحكمة إلى أن مهر وعاد إلى دمشق وأقام بها وقال أسعد بن الياس بن المطران كان بدمشق فاصد يقال له أبو الخير فصد في بعض الأيام شابا فوقعت الريشة في شريان فجرى الدم وسال وحار وتبلد الفاصد فاجتمع الناس عليه وجاء اليبرودي وهو صبي يسوق دابة تحمل الشيح فرآه فقال يا عماه افصده في اليد الأخرى ففصده فقال شد الفصاد الأول فشده ووضع عليه لازوقا كان عنده فوقف الدم فقال من أين لك ما أمرتني به فقال أنا أرى لما يسقى الكرم إذا انفتح شق من النهر وخرج الماء منه فتح فتحا آخر ينقص به الماء الأول الواصل إلى ذلك الشق ثم يسده بعد ذلك قال فمنعه الجرايحي من بيع الشيح وشغله بالطب فكان منه اليبرودي وقال الطرطوشي في كتاب سراج الملوك حدثني بعض الشاميين أن رجلا خبازا بينا هو يخبز في تنوره بمدينة دمشق إذ عبر عليه رجل يبيع المشمش فاشترى منه وجعل يأكله بالخبز الحار فلما فرغ سقط مغشيا عليه فنظروا فإذا هو ميت فقضوا بموته وغسل وكفن وصلي عليه) وخرجوا به إلى الجبانة فبينا هم في الطريق على باب البلد استقبلهم طبيب يقال له اليبرودي فسمع الناس يلهجون بأمره فسألهم عن القصة فأخبروه بها فقال حطوه حتى أراه فوضعوه فنظر في أمارات الحياة منه فسقاه شيئا أو قال حقنه فاندفع ما هنالك فإذا الرجل قد فتح عينيه وقام إلى حانوته وتوفي اليبرودي بدمشق سنة وأربعمائة ودفن بكنيسة اليعاقبة عند باب توما ووجد في تركته ثلاثمائة درهم مقطع رومي وخمسمائة فضة ألطفها ثلاثمائة درهم وكانت له مراسلات إلى ابن رضوان بمصر وغيره من الأطباء المصريين وكتب بخطه كثيرا من الطب ولا سيما من كتب جالينوس وشروحها وجوامعها ((جرديك النوري الأتابكي)) كان من كبار أمراء الدولة وهو
(٥٢)