الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٨ - الصفحة ٨٧
وكان أبوه من أهل اللسن والخطابة وولد أحمد هذا بالأندلس سنة أربع وسبعين ومائتين وتوفي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة 3 (الوزير ابن الفرات)) أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات أبو العباس أخو الوزير أبي الحسن علي وهو الأكبر كان أكتب أهل زمانه وأحسنهم حالا في تنفيذ الأمور والأعمال وأعلمهم بالدنيا ومبلغ ارتفاعها حتى وقع الإجماع عليه وكان أحسن الناس حفظا لكل شيء من سائر العلوم والآداب وكان قد وظف على نفسه فيقوم من مجلسه كثيرا إلى بيت له فيه دفاتر العلوم فينظر فيها ويدرس وكان أعلم الناس بالفقه على سائر المذاهب ولما قدم الوزير عبيد الله ابن سليمان من الجبل أيام المعتضد صار إليه أبو العباس وأبو الحسن ابنا الفرات في عشي يوم فوجداه يميز أعمالا وكتبا وبين يديه كانون عظيم يحرق فيه ما لا يحتاج إليه فدفع إلى أبي العباس إضبارة) ضخمة وقال هذه يا أبا العباس رفائع وسعايات بك وبأخيك من أسبابكما وثقاتكما وصنائعكما وردت علي بالجبل فخبأتها لك لتعرف بها من يبتغي أن تحترس منه وتقابل كل أحد بما يستحقه فأكثر أبو العباس في شكره والدعاء له وبدأ أبو الحسن فقرأ شيئا من الإضبارة فانتهزه أبو العباس وقال لا تقرأ شيئا منها وأخذها فطرحها في الكانون وقال ما كنت لأقابل نعمة الله علي بما وهبه لي من تفضل الوزير بما يوجب الإساءة إلى أحد ولا حاجة بي إلى قراءة ما يوحشني من أسبابي ويجر عليهم إساءة مني فلما نهضا قال عبيد الله بن سليمان أردت التفرد بمكرمة فسبقني أبو العباس إليها وزاد فيها وحضر عنده في بعض الأيام عدة مغنيات وغنت إحداهن لأبي العتاهية * أخلاي بي شجو وليس بكم شجو * وكل فتى من شجو صاحبه خلو * * رأيت الهوى جمر الغضا غير أنه * على حره في حلق ذائقه حلو * فقال أبو العباس هذا خطأ وإنما يجب أن يكون البارد ضد الحار والحلو ضد المر فقيل له فكيف كان يجب أن يقول قال يقول * غدوت على شجو وراح بي الشجو * وكل فتى من شجو صاحبه خلو * * وباكرني العذال يلحون في الهوى * ومر الهوى في حلق ذائقه حلو * ومن شعره * ألا ليت شعري هل تنفست حسرة * كأنفاسي اللاتي تقد الحشا قدا * * وهل بت في ليلي كما بت ساهرا * أعد نجوم الليل من أجلكم عدا * توفي سنة وتسعين ومائتين
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»