بطلا شجاعا لكنه لم يجد ناصرا ولا معينا على الخير وكان يلبس في الليل جبة صوف وكساء ويصلي فيهما ويفطر في رمضان على خبز نقي وملح وخل وزيت ويقول فكرت في أنه كان في بني أمية عمر بن عبد العزيز وكان من التقلل والتقشف على ما بلغنا فغرت على بني هاشم وأخذت نفسي بذلك وكان اطرح الملاهي وحرم الغناء وحسم أصحاب السلطان عن الظلم وكان شديد الإشراف على أمر الدواوين ثم إن الأتراك خرجوا عليه وحاربهم بنفسه وجرح فأسروه) وخلعوه ثم قتلوه سنة ست وخمسين ومائتين قال العمراني إن الأتراك عصروا خصاه حتى مات وبايعوا أحمد بن المتوكل ولقبوه المعتمد على الله في سادس عشر رجب فكانت خلافة المهتدي سنة إلا خمسة عشر يوما جلس يوما للمظالم فاستعداه رجل على ابن له فأحضره وحكم عليه برد الحق للرجل فقال الرجل أنت والله يا أمير المؤمنين كما قال الأعشى * حكمتموه فقضى بينكم * أبيض مثل القمر الزاهر * * لا يقبل الرشوة في حكمه * ولا يبالي غبن الخاسر * فقال المهتدي أما أنا فما جلست هذا المجلس حتى قرأت ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين قال الإسكافي فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم ومدحه البحتري بقصيدة أولها * إذا عرضت أحداج ليلى فنادها * سقتك الغوادي المزن صوب عهادها * وبقصيدة أخرى منها * هجرت الملاهي خشية وتفردا * بآيات ذكر الله يتلى حكيمها * * وما تحسن الدنيا إذا هي لم تعن * بآخرة حسناء يبقى نعيمها * أولاده سبعة عشر ذكرا وست بنات وأولاده أعيان أهل بغداذ وهم الخطباء بالجوامع ومنهم العدول ولم يبق ببغداذ من الخلفاء أكثر من ولده وزراؤه أبو أيوب بن وهب وجعفر بن محمد ثم صرفه وقلدها عبد الله بن محمد بن يزداد قضاته الحسن بن أبي الشوارب فعزله وولي عبد الرحمن بن نائل البصري أسند المهتدي الحديث فقال حدثني علي ابن هاشم ثنا محمد بن حسن الفقيه عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للعباس وقد سأله ما لنا في هذا الأمر فقال لي النبوة ولكم الخلافة بي فتح الله هذا الأمر وبكم يختمه وأورد الصولي للمهتدي في الأوراق * أما والذي أعلى السماء بقدرة * وما زال قدما فوق عرش قد استوى * * لئن تم لي التدبير فيما أريده * لتفتقدن الترك يوما فلا ترى *
(٩٨)