الحصار وله تسع وأربعون سنة وبعد ذلك بثمانية أشهر واحد وعشرين يوما مات عمه أبو طالب وماتت خديجة رضي الله عنها بعد أبي طالب بثلاثة أيام وكانت أول من آمن بما جاء به ثم آمن أبو بكر رضي الله عنه ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة وبلال ثم أسلم بعد هؤلاء عمرو بن عبسة السلمي وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن أبي وقاص وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ابن عثمان ثم كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه تمام الأربعين إسلاما ذكر ذلك ابن حزم في مختصر السيرة ولما بلغ خمسين سنة وثلاثة أشهر قدم عليه جن نصيبين فأسلموا ولما بلغ إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر أسري به من بين زمزم والمقام إلى البيت المقدس روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسرى به قال بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجع ومنهم من قال بين النائم واليقظان إذ أتاني آت قال فسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقيل للجارود ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم دعي بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقال له) الجارود هو البراق يا أبا حمزة فقال أنس نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبرائيل عليه السلام حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبرائيل قيل ومن معك قال محمد قيل أو قد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا فنعم المجيء جاء الحديث بطوله ورأى الأنبياء صلوات الله عليهم ورأى من آيات ربه الكبرى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى وأوحى إليه ما أوحى وفرضت الصلاة تلك الليلة ولما أصبح قص على قريش ما رأى وروى البخاري ومسلم والترمذي عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبني قريش قمت إلى الحجر الأسود فجلا الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه وقد اختلف الناس في كيفية الأسراء فالأكثرون من طوائف المسلمين متفقون على أنه بجسده صلى الله عليه وسلم والأقلون قالوا بروحه حكى الطبري في تفسيره عن حذيفة أنه قال كل ذلك رؤيا وحكى هذا القول أيضا عن عائشة وعن معاوية رضي الله عنهما ومنهم من قال بجسده إلى البيت المقدس ومن هناك إلى السماوات السبع بروحه قلت والصحيح الأول لأنه قد صح أن قريشا كذبته ولو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت رؤيا لما كذب ولا أنكر ذلك على غيره فضلا عنه لأن آحاد الناس يرون في منامهم أنهم ارتقوا إلى السماوات وما ذلك ببدع أنشدني لنفسه الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الثناء
(٦٥)