العمل للرصد رأى هولاكو ما ينصرف عليه فقال له هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته أيدفع ما قدر أن يكون فقال أنا أضرب لمنفعته مثالا ألقان يأمر من يطلع إلى أعلى هذا المكان ويدعه يرمي من أعلاه طست نحاس كبيرا من غير أن يعلم به أحد ففعل ذلك فلما وقع ذلك كانت له وقعة عظيمة هائلة روعت كل من هناك وكاد بعضهم يصعق وأما هو وهولاكو فإنهما ما تغير عليهما شيء لعلمهما بأن ذلك يقع فقال له هذا العلم النجومي له هذه الفائدة يعلم المتحدث فيه ما يحدث فلا يحصل له من الروعة والاكتراث ما يحصل للذاهل الغافل عنه فقال لا بأس بهذا وأمره بالشروع فيه أو كما قيل ومن دهائه ما حكى لي أنه حصل له غضب علي علاء الدين الجويني صاحب الديوان فيما) أظن فأمر بقتله فجاء أخوه إليه وذكر له ذلك وطلب منه إبطال ذلك فقال هذا القان وهؤلاء القوم إذا أمروا بأمر ما يمكن رده خصوصا إذا برز إلى الخارج فقال له لا بد من الحيلة في ذلك فتوجه إلى هولاكو وبيده عكاز وسبحة واسطرلاب وخلفه من يحمل مبخرة وبخورا والنار تضرم فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم فلما وصل أخذ يزيد في البخور ويرفع الأسطرلاب ناظرا فيه ويضعه فلما رأوه يفعل ذلك دخلوا إلى هولاكو واعلموه وخرجوا إليه فقالوا ما الذي أوجب هذا فقال القان أين هو قالوا له جوا قال طيب معافى موجود في صحة قالوا نعم فسجد شكرا لله تعالى وقال لهم طيب في نفسه قالوا نعم وكرر هذا وقال أريد أن أرى وجهه بعيني إلى أن دخلوا إليه واعلموه بذلك وكان وقت لا يجتمع فيه به أحد فأمر بادخاله فلما رآه سجد وأطال السجود فقال له ما خبرك قال اقتضي الطالع في هذا الوقت أن يكون على القان قطع عظيم إلى الغاية فقمت وعملت هذا وبخرت هذا البخور ودعوت بأدعية أعرفها اسأل الله صرف ذلك عن القان ويتعين الآن أن القان يكتب إلى سائر مماليكه ويجهز الألجية في هذه الساعة إلى سائر المملكة بإطلاق من في الاعتقال والعفو عمن له جناية أو أمر بقتله لعل الله يصرف هذا الحادث العظيم ولو لم أر وجه القان ما صدقت فأمر هولاكو في ذلك الوقت بما قال وأطلق صاحب الديوان في جملة الناس ولم يذكره النصير الطوسي وهذا غاية في الدهاء بلغ به مقصده
(١٤٨)