ذلك. مات صاحبها في التجريد بحلب ولم يعلم بها أحد، ولم يخلف وارثا، فحملها المذكور من تلقاء نفسه إلى بيت المال.
[الإنكار على ابن تيمية كلامه في الصفات] وفي ربيع الأول قام جماعة من الشافعية المتكلمين فأنكروا على ابن تيمية كلامه في الصفات. وأخذوا فتياه الحموية فردوا عليه وانتصبوا لأذيته، وسعوا إلى القضاة والعلماء، فطاوعهم جلال الدين قاضي الحنفية في الدخول في القضية، فطلب الشيخ، فلم يحضر. فأمر فنودي في بعض دمشق بإبطال العقيدة الحموية، أو نحو هذا. فانتصر له الأمير جاغان المشد، واجتمع به الشيخ، فطلب من سعى في ذلك، فاختفى البعض، وتشفع البعض، وضرب المنادي ومن معه بالكوافيين.
وجلس الشيخ على عادته يوم الجمعة وتكلم على قوله: * (وإنك لعلى خلق عظيم) *. ثم حضر من الغد عند قاضي القضاة إمام الدين، رحمه الله، وحضر جماعة يسيرة، وبحثوا مع الشيخ في الحموية، وحاققوه على ألفاظ فيها. وطال البحث، وقرئ جميعها، وبقوا من أوائل النهار إلى نحو ثلث الليل، ورضوا بما فيها في الظاهر، ولم يقع إنكار، بحيث انفصل المجلس، والقاضي، رحمه الله، يقول: كل من تكلم في الشيخ فأنا خصمه.
وقال أخوه القاضي جلال الدين: كل من تكلم في ابن تيمية بعد هذا نعزره. حدثني بذلك الثقة. لكن جلال الدين أنكر هذا فيما بعد، ونسي فيما أظن. والذين سعوا في الشيخ ما أبقوا ممكنا من القذف والسب ورميه بالتجسيم. وكان قد لحقهم حسد للشيخ وتألموا منه بسبب ما هو المعهود من تغليظه وفظاظته وفجاجة عبارته، وتوبيخه الأليم المبكي المنكي المثير