تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥٢ - الصفحة ٢٧٩
ولد في عاشر ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة. وحضر على جعفر الهمداني، وابن المقير، وسالم بن صصرى.
وسمع من: السخاوي، والتاج القرطبي، والرشيد بن مسلمة.
وتفقه على أصحاب جدة، وعلى أصحاب الشيخ الموفق. وقرأ الأصول على كمال الدين التفليسي وغيره.
وبرع في المذهب، ودرس وأفتى وصنف. وانتهت إليه رئاسة المذهب.
تفقه عليه: ابن الفخر وابن أبي الفتح، وابن تيمية، وجماعة من الأئمة.
قرأت بخط شيخنا ابن أبي الفتح: كان رحمه الله إماما في الفقه، خبيرا بعلم الأصول والعربية، مشاركا في غير ذلك.
شرح كتاب ' المقنع في الفقه ' شرحا حسنا في أربع مجلدات، وفسر الكتاب العزيز ولكنه لم يبيضه، وألقاه جميعا دروسا. وشرع في شرح ' المحصول ' ولم يكمله، واختصر نصفه. وكان له في الجامع حلقة للإشغال والفتوى نحو ثلاثين سنة متبرعا لا يتناول على ذلك معلوما.
وكانت له أوراد، منها صوم الاثنين والخميس والذكر من حين يصلي الصبح إلى أن يصلي الضحى. وله مع الصلوات تطوع كبير. ويصلي الضحى ويطيلها جدا. وكان له في آخر الليل تهجد كثير وتيقظ وذكر.
وكان له إيثار كبير يفطر الفقراء عنده في بعض الليالي، وفي شهر رمضان كله. وكان مع ذلك حسن الأخلاق، لطيفا مع المشتغلين، مليح المجالسة. سمع ' صحيح مسلم ' على العلم السخاوي ومن حضر معه على ما بين في نسخة ابن عساكر.
قلت: أجاز لي مروياته سنة سبع وسبعين، وقصدته لأسمع منه فقال لي: تعال وقتا آخر. فاشتغلت ولم يقدر لي السماع منه. وكان مليح الشكل، حسن البزة، كثير التطهر والنظافة. وكان غالب أوقاته في الجامع وفي بيت المأذنة.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»