تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١٦٥
فقال القاضي عز الدين: أنا سألت السلطان أن يحضر معي خصمي.
فطلبوا الملك الزاهر فتغيب، فأحضروا ولده الملك الأوحد، ثم قرئ المحضر، فقال القاضي عز الدين للأوحد: انا أحلفك بأنك ما تعلم أن شهودك شهود زور. فقال: أنا أصبو عن هذه القضية. ونكل.
وقال عز الدين أيضا: أنا أطلب من الشهود تعيين الحياصة والعصابة وكم فيهما من جوهر وبلخش. فأفتى بعضهم بلزوم التعيين وتوقف بعضهم فقال القاضي حسام الدين: أنا أكشف هذا، وأسال أصحابنا، فإن التعين يختلف باختلاف الأجناس.
وأحضروا في المجلس فحضر ابن السنجاري، فقرئ وادعى بمضمونه وكيل بيت المال زين الدين على القاضي، فقال: لي دوافع، منها أن ابن السنجاري عدوي، ومنها أن ابن الحصيري حكم علي من غير حضوري ولا حضور وكيلي.
فطلب ابن الحصيري فلم يتفق حضوره، وانفصل المجلس.
ثم اجتمعوا بدار الحديث، وأحضر ابن الحصيري، فقام عليه الحنفية وقالوا: حكمك لا يصح. فقال: ليس حكمي بباطل، ولكنه لا يلزم الخصم.
وبحثوا في ذلك، فأحضر كتبا ونقولا. وقال عز الدين: لي بينة تشهد بعداوة ابن السنجاري. فقال: أثبت ذلك يا مولانا، وعليك المهلة ثلاثة أيام. وطلب ابن السكاكري الحكم من الحنفي على عادته وجرأته، فأخرج القاضي عز الدين فتاوى الفقهاء أن الدعوى من أصلها باطلة، إذ كانت مجهولة. فأفتى بذلك من حضر المجلس. فقال المشد للقاضي. ما تحكم. فقال: لا والله لا أحكم في هذه القضية. وقام منزعجا، وانحلت القضية فكتب بذلك صورة بمجلس. ثم بعد أيام قال المشد للقاضي عز الدين: أيش المعمول! قال:
تصلي ركعتين في الليل، وتدعو الله أن يكشف لك أمري، ومهما خطر لك بعد ذلك فافعل.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»