تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١٦٣
واطراح للرؤساء الذين يدخلون في العدالة بالرئاسة والجاه. فتعصبوا عليه، وتكلموا فيه، وتتبعوا غلطاته، وتغير عليه الصاحب، وما بقي يمكنه عزله لأنه بالغ في وصفه عند السلطان. ودام في القضاء إلى أول سنة سبع وسبعين، فعزل وأعيد ابن خلكان، ففرح بعزله خلق. وبقي على تدريس العذراوية، فلما قدم السلطان الملك المنصور لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء، وباشر في أوائل سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوما، فتضافروا عليه وسعوا فيه، وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي، قد أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيالة. ففعل ولم يمكن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضر أثبته تاج الدين عبد القادر بن السنجاري عليه بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشرف ابن الإسكاف كانت للخادم ريحان الخليفتي. ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي حسام الدين الحنفي، فنفذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد الواسع الأبهري يحكم. فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم، ومنع الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي. ثم نبغ آخر، وزعم أن حياصة مجوهرة وعصابة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار كانت عند العماد بن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين، ووكلوا علاء الدين علي ابن السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود كمال الدين ابن النجار والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي. ثم توقف ابن النجار واقتحم الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى في مظنة الإثبات ولم يبق إلا أن تحمل المال.
فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهو أن
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»