تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٩ - الصفحة ١٢٤
وصل إلى ما كان عليه من خشونة العيش والجد والعمل، وترك الاجتماع بالناس والتحرز من الرياء والسمعة. كان تزوره الملوك فمن دونهم، فلا يكاد يجتمع بأحد منهم.
قال: وبالجملة فلم يترك بعد مثله، رحمه الله.
قلت: وبعض العلماء أنكر غلوه في الورع وقال: هذا نوع من الوسواس في الطهارة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ' بعثت بالحنيفية السمحة '.
قلت: والجواب عنه أنه مأمور بما كان عليه من الوسوسة في الورع بقوله عليه السلام: ' دع ما يريبك إلى ما لا يريبك '. ولولا ارتيابه لما بالغ في شيء وغلبة الحال حاكمة على العلم من بعض الصالحين.
وأيضا فمن الذين قال إنه كان يتورع عن الحرام فقط. بل قد يتورع الإنسان عن الحرام والمشتبهة والمباح، ولا يوجب ذلك على غيره، بل ولا على نفسه. وهذا الرجل فكان كبير القدر، له أجران على موافقة السنة، وأجر واحد
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»