عدل في الجملة، ومحبة للفضيلة والأدب. وكان سوق الشعر نافقا في أيامه، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربعمائة رأس، سوى الدجاج والطيور والأجدية.
وكان الغلمان يبيعون من سماطه أشياء كثيرة مفتخرة عند باب القلعة بأرخص ثمن.
حكى علاء الدين ابن نصر الله أن الملك الناصر جاء إلى داره بغتة قال:
فمددت له في الوقت سماطا بالدجاج المحشي بالسكر والفستق وغيره، فتعجب وقال: كيف تهيأ لك هذا؟ فقلت: هو من نعمتك، اشتريته من عند باب القلعة.
وكانت نفقة مطابخه وما يتعلق بها في كل يوم أكثر من عشرين ألف درهم.
وكان يحاضر الفضلاء والأدباء، وعلى ذهنه كثير من الشعر والأدب، وله نوادر وأجوية ونظم. وله حسن ظن في الصالحين، بنى بدمشق مدرسة وبالجبل رباطا وتربة، وبنى الخان عند المدرسة الزنجيلية.
وقال أبو شامة: وفي منتصف صفر ورد الخبر إلى دمشق باستيلاء التتار على حلب بالسيف، فهرب صاحبها من دمشق بأمرائه الموافقين له على سوء تدبيره. وزال ملكه عن البلاد، ودخلت رسل التتار بعده بيوم إلى دمشق، وقرئ فرمان الملك بأمان دمشق وما حولها. ووصل الناصر إلى غزة، ثم إلى قطية، فتفرق عنه عسكره، فتوجه في خواصه إلى وادي موسى، ثم جاء إلى بركة زيزا، فكبسه كتبغا، فهرب، ثم أتى التتار بالأمان، فكان معهم في ذل وهوان. وكان قد هرب إلى البراري، فساقوا خلفه، فأخذوه وقد بلغت عنده الشربة الماء نحو مائة دينار. فأتوا به إلى مقدم التتار كتبغا وهو يحاصر عجلون، فوعده وكذبه، وسقاه خمرا صرفا، فسكر، وطلبوا منه تسليم قلعة عجلون، فجاء إلى نائبها، وأمره بتسليمها، ففعل، ودخلها التتار، فنهبوا جميع