قلت: وكان يلعب بالحمام، ويهمل أمر الإسلام، وابن العلقمي يلعب به كيف أراد، ولا يطلعه على الأخبار. وإذا جاءته نصيحة في السر أطلع عليها ابن العلقمي ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
فحكى جمال الدين سليمان بن عبد الله بن رطلين قال: جاء هولاوو في نحو مائتي ألف نفس، ثم طلب الخليفة، فطلع ومعه القضاة والمدرسون والأعيان في نحو سبعمائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء الأمر بحضور الخليفة ومعه سبعة عشر نفسا، فاتفق أن أبي كان أحدهم، فحدثني أنهم ساقوا مع الخليفة، وأنزلوا من بقي عن خيلهم، وضربوا رقابهم. ووقع السيف في بغداد، فعمل القتل أربعين يوما. وأنزلوا الخليفة في خيمة صغيرة، والسبعة عشر في خيمة.
قال أبي: فكان الخليفة يجيء إلى عندنا كل ليلة ويقول: ادعوا لي.
وقال: فاتفق أنه نزل على خيمته طائر، فطلبه هولاوو وقال: أيش عمل هذا الطائر؟ وأيش قال لك؟.
ثم جرت له محاورات معه ومع ابن الخليفة أبي بكر. ثم أمر بهما فأخرجا، ورفسوهما حتى ماتا، وأطلقوا السبعة عشر، وأعطوهم نشابة، فقتل منهم رجلان وطلب الباقون بيوتهم فوجدوها بلاقع. فأتوا المدرسة المغيثية، وقد كنت ظهرت فبقيت أسأل عن أبي، فدللت عليه، فأتيته وهو ورفاقه، فسلمت عليهم، فلم يعرفني أحد منهم، وقالوا: ما تريد؟ قلت: أريد فخر الدين ابن رطلين. وقد عرفته، فالتفت إلي وقال: ما تريد منه؟ قلت: أنا ولده. فنظر إلي وتحققني، فلما عرفني بكى، وكان معي قليل سمسم فتركته بينهم. وأقمنا هناك إلى صفر، إلى أن رفع السيف، فأتينا دار فخر الدين أحمد ابن الدامغاني صاحب الديوان، وقد أراد ابن العلقمي أن يضره، فقال لهولاكو: هذا يعرف أموال الخليفة وذخائره وأمواله، وهذا كان يتولاها.
فقال: إذا كان الخليفة اختاره لنفسه فأنا أولى أن أوليه. وكتب له الفرمان، وقال للوزير: لا تفعل شيئا إلا بموافقته.