تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ١٩٤
كان أكبر مماليك الملك الصالح نجم الدين، خدمه ببلاد الشرق، وكان جهاشنكيره، فلما قتل الملك المعظم بن الصالح اتفقوا على أيبك التركماني هذا، ثم سلطنوه. ولم يكن من كبار الأمراء، لكنه كان معروفا بالعقل والسداد والدين، وترك المسكر، وفيه كرم وسكون. فسلطنوه في أواخر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، فقام الفارس أقطاي وسيف الدين الرشيدي وركن الدين البندقداري، وجماعة من الأمراء في سلطنة واحد من بيت المملكة، وأنفوا من سلطنة غلام، فأقاموا الأشرف يوسف بن الناصر يوسف بن المسعود أقسيس صاحب اليمن بن السلطان الملك الكامل، وكان صبيا له عشر سنين، وجعلوا أيبك التركماني أتابكه، وأخروه عن السلطنة، وذلك بعد خمسة أيام من سلطنته. ثم كان التوقيع يخرج وصورته: ' رسم بالأمر العالي السلطاني الأشرفي والملكي المعزي '.
واستمر الحال والمعز هو الكل، والصبي صورة. وجرت أمور ذكرنا منها في الحوادث.
وكان طائفة من الجيش المصري كاتبوا بعد هذا بمدة الملك المغيث الذي بالكرك وخطبوا له بالصالحية، فأمر الملك المعز بالنداء بالقاهرة أن الديار المصرية لأمير المؤمنين، وأن الملك المعز نائبه. ثم جددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة، وللمعز بالأتابكية.
وقد جرى للمعز مصاف من الناصر صاحب الشام، وانكسر المعز، ودخلت الناصرية مصر وخطبوا لأستاذهم، ثم انتصر المعز وانهزم الناصر إلى الشام. ووقع بعد ذلك الصلح بين الملكين.
وكان على كتف المعز خشداشه الفارس أقطايا الجمدار، فعظم شأنه، والتف عليه البحرية. وكان يركب بالشاويش ويطلع إلى السلطنة، ولقبوه سرا
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»