تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ١٧٧
قريب العصر، ثم خطا الشيخ عيسى وجاء إلى والدي فتعانقا وجلسا.
فلما رجع والدي إلى عند الشيخ الفقيه قال له: ما أوفيت الضمان.
قال: فسأل الفقراء والدي عن هذا فقال: كان لي ثلاثة وعشرون سنة حردان على الشيخ عيسى لكونه إذا جاء إليه صاحب حال يسلبه حاله، فلما رأيته وقف طويلا ورجع عما كان فيه.
قال: وأخبرني الفقيه عبد الولي بن عبد الرحمن الخطيب قال: لما دخل الخوارزمية جاء وال لهم إلى يونين، وطلب من الفلاحين شيئا ما لهم به قوة، فشكا الفلاحون الشيخ عيسى. فاتفق أن الوالي طلع إلى عند الشيخ فقال له:
ارفق فهؤلاء فقراء. فقال: ما إلى هذا سبيل.
قال: وبقي الشيخ يردد عليه ويقول ما إلى هذا سبيل، فنظر إليه وأطال النظر، وإذا به قد خبط الأرض وازبد ساعة، فلما أفاق انكب على رجل الشيخ واعتذر ونزل، فقال للخوارزمية: من أراد أن يموت يطلع إلى القرية. أو ما هذا معناه.
قال: وأخبرني الشيخ إسرائيل بن إبراهيم: ثنا الشيخ عيسى اليونيني قال:
طلعت صحبة عمي الشيخ عبد الخالق اليونيني - قلت: وقد توفي عبد الخالق سنة سبع عشرة وستمائة - إلى جبل لبنان، وكان ثم بركة كبيرة، فجلسنا عندها وبقربها حشيش له قرمية حلوة، فقال لي عمي: اجلس ههنا، وإذا جعت كل من هذه الحشيش.
قال: فإذا بأسد كبير قد استقبله، فخفت عليه وبقيت أقول: يا عمي يا عمي، وكان هناك قرمية شجرة فصعد عليها عمي وركب الأسد ثم سار به حتى غاب عني، فبقيت هناك يومين فلما كان اليوم الثالث إذا بعمي قد أقبل راكبا الأسد، فنزل على تلك القرمية ومضى الأسد.
وقال الشيخ قطب الدين موسى: مرض الشيخ عيسى في أواخر شوال، وبقي أياما وأهل بعلبك يترددون إلى زيارته ويغتنمون بركته، ولما وصل خبر
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»